on
Archived: من الصحافة الروسية: الحرب في سورية وسقوط الطائرة الروسية
فيدوموستي: ترجمة الحياة
ترجح الأخبار الأخيرة احتمال العمل الإرهابي في التحقيقات الجارية حول أسباب سقوط طائرة «إيرباص إي321» الروسية في مصر. والسلطات الروسية، على رغم أنها تقول أن سيناريو العمل الإرهابي ليس سوى احتمال من الاحتمالات – سارت على خطى الدول الأوروبية الأخرى وأوقفت الرحلات الجوية إلى مصر. وأعلنت لجنة الطيران الدولية أن الصندوق الأسود لم يسجل أي خلل في عمل الطائرة (ما يعني أن الكارثة حصلت فجأة). وقال رئيس لجنة التحقيق، أن الصندوق الأسود سجّل صوت ضجة في الثانية الأخيرة من التسجيل، في وقت رجح مصدر في لجنة التحقيق أن سبب الانفجار هو قنبلة. ومنذ ورود أنباء الحادثة، تداول الخبراء والإعلام احتمالين بارزين، الخلل التقني والعمل الإرهابي. وتترتب على الاحتمالين مسؤولية تتحملها السلطات الروسية.
والمسؤولية هذه تتوزع إلى فرعين. والفرع الأول يتناول الرقابة على حسن سير قطاع الطيران والسياحة والفساد المستشري والوضع الاقتصادي في البلاد. ولا تخفى هذه المسؤوليات على السلطات الروسية. وهي تلجأ إلى جميع وسائل التهرب منها، وبعض هذه الوسائل اختبر على مدى أعوام طويلة. وقد توقف السلطات الروسية استخدام عدد من الطائرات، وتعتقل أحدهم، وتشدد الرقابة، لتكبت ردود الناس وتسيطر عليها. وهذا الجانب من المحاسبة يسري إذا كان سقوط الطائرة ناجماً عن الفساد وسوء إدارة قطاع النقل الجوي.
أمّا في حال العمل الإرهابي، فمسؤولية موسكو وثيقة الصلة بالحرب في سورية. ويسعى الكرملين إلى تجنب التلميح إلى مثل هذه الصلة. فارتباط سقوط الطائرة بالحرب في سورية يسلط الضوء على الافتقار إلى الكفاءة في العملية العسكرية هناك، وتجاهل مخاطر المشاركة في صراع متعدد البعد في الشرق الأوسط المعقد. وأبرز هذه المخاطر، الهجمات الإرهابية الانتقامية. وروسيا أدرى بهذه العمليات الانتقامية. فهي شنت لسنوات معركة ضد الإرهابيين في الداخل، وتكبدت نتائجها، ومنها هجمات إرهابية انتقامية أدّت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا.
والحرب الروسية السابقة على الإرهاب، هي الجسر إلى التنبؤ بسياسة الكرملين اليوم. وحال روسيا تتباين عن حال إسبانيا. وهذه، سحبت جنودها من العراق إثر التفجيرات الإرهابية في 2004 التي شنها إسلاميون. فيومها، أعلن المجتمع الإسباني رفضه المشاركة في الحرب، فاستجابت السلطات.
أما في روسيا، فالنزول على رغبة الشعب متعذرة. والسلطة لن تعترف بخسارتها. وهي تحتاج إلى قلب منطق الأمور رأساً على عقب، وإذّاك يسعها القول إن هذا العمل الإرهابي هو سبب مشاركة روسيا في الحرب، وأن عليها المشاركة فيها إلى خواتيمه.
ويشير اضطراب موقف الكرملين بعد الحادثة إلى افتقاره إلى موارد رفع وتيرة العمليات في سورية. وهذه الحرب لا غنى عنها من أجل إخراج صورة تلفزيونية رائعة ولامعة عن إمكانات روسيا العسكرية. ويبدو أن أحداً لم يحتسب أن العمليات الروسية قد تؤدي إلى سقوط 224 روسياً بريئاً في عمل إرهابي. وعلى رغم أنها لا ترغب في المشاركة في الحرب في سورية إلى ما لا نهاية، لم تعد موسكو قادرة على الانسحاب.
وقد يجد الكرملين مخرجاً من طريق اللجوء إلى نموذج البروباغندا المجرب خلال الأزمة الأوكرانية: خلق جو من الحيرة والتناقض. ويفاقم رفض الإقرار بسيناريو العمل الإرهابي وتسليط الضوء على احتمالات الخلل التقني أو مناورات إسرائيلية، خوف الروس. فيعتبر المواطن الروسي العادي أن الرحلات الجوية خطرة. وهذا هو الدور المطلوب منه، أي أن يبقى حبيس البيت وألا يسعى إلى فهم ما يدور حوله.
اقرأ:
من الصحافة الروسية: البنتاغون يضع خططاً جديدة لردع موسكو