Archived: نادية خلوف: العالم مغلق بالشّمع الأحمر أمام السّوري

نادية خلوف: كلنا شركاء

أصبح العالم أسديّاً بامتياز. يسيّرُ المسيرات من أجل البيئة، لم نجد مسيرة واحدة متعاطفة مع بيئتنا التي أصبحت بركة من الدّماء، ولهب من بارود يملأ السّماء.

ليس هذا فقط. بل يقولون أنّهم سيرغمون السّوري على التّطوع من أجل الحرب على الإرهاب.

أغلب الذين فرّوا من سوريّة لا يرغبون في الحرب ضد الإرهاب، ولا حتى ضد النّظام. يعرفون أن مفاتيح اللعبة ليست بيدهم، وهم بكلّ بساطة لا يحبون الموت. هل سترغمونهم على الموت.

المهاجر السّوري في طريق العودة  إلى الجحيم. أغلق العالم أبوابه، وأباح قتله في أيّ مكان.

لم يعد  له فرصة في اللجوء الآمن، فمن يترك عائلته على أمل أن يجلبها بعد أشهر أو ربما بعد عام لن يستطيع  لأنّ أكثر دول الغرب ألغى الإقامة لمدة طويلة كخمس سنوات ، أو الإ قامة الدّائمة. إضافة إلى الانتظار لأكثر من عام من أجل المقابلة الثانية،يرهق طالب اللجوء  وقد حددت الإقامة من النوع الفرعي” الحماية” بعام واحد قابل للتجديد، ولا يتمكن خلالها المقيم من لم شمل عائلته. ما الفائدة من هجرته إذاً؟

المهاجرون الميسورون الحال لا مشكلة لديهم. بإمكانهم جلب عائلتهم عن طريق التّهريب. بإمكانهم فتح شركة ما حتى لو كان فرناً، وتمديد إقامتهم عاماً بعد عام إلى حين حصولهم على الدّائمة، فقط الفقراء هم من يتأثّر بالقرارات.

التقيت بعض الشباب الذين جمعوا ثمن رحلتهم من ثمن طعام العائلة، غامروا بحياتهم ، ولم يغامروا بأطفالهم في رحلة مجهولة. قالوا لي سوف نعود، فنحن لسنا أفضل من عائلاتنا. نموت معاً، أو نحيا معاً.

الغرب يحتاج إلى جميع السّوريين. أراضيه واسعة وليس فيه سوى الشيوخ. يمكنه استيعاب كلّ السوريين، وفي دولة واحدة لو أراد، وحتى تركيا لا يشكل السوريين بالنسبة لمساحتها عبء كبير، غالبيتهم يلتزم بالقوانين، ويبقى ضمن بيئته التي كان فيها داخل سوريّة.

نعم هو العذر في العالم المتمدّن ، لكنّه فينا أيضاً.

نحن لم نتغيّر. لم تغيّرنا الثورة التي التهمت الشّباب وجعلتهم حطباً.

وبدلاً من أن ندعو إلى وقف نزيف الدّم بطريقة ما. نبحث عن مصالحنا الشّخصية، ومصالحنا الشّخصية اليوم مثلما كانت أمس.

من كان يمتدح الفئوية. ظلّ يمتدحها على أنّها ثوروية، وأن تلك العقيدة، وذلك المكان، وذلك العرق هو الأعلى. ما الضير لو عبّر النّاس عن هويتهم الطائفيّة أو القومية  في سياق الانتماء إلى سوريّة المدنيّة التي تكون فيها العقيدة أمراً بعيداً عن السّلطة. ألا يتمّ هذا في الدول الديموقراطيّة؟

أمّا لماذا العيب فينا أيضاً، فلأنّنا أخذنا الكثير من أفكار الأحزاب الموجودة على السّاحة. ندّعي البطولة بينما نمسك جهاز الهاتف ونحن في أسرّتنا.

من كان له  دعم في إيجاد عمل عند نظام الأسد هو نفسه الذي يجد الدّعم في صفوف المعارضة. بل إن بعض المتنمرين من الإعلاميين السّوريين الذي أخذ بيدهم جهاز المخابرات كي يصبحوا نجوماً على الشاشة السورية. تحوّل أغلبهم إلى

وهم الآن نجوم على فضائيات  وإعلام المعارضة لكن بأجر أعلى ذلك الجهاز انشق عن النّظام هو وأمواله. لا فرق في سورية بين المعارضة والموالاة، فحتى لو كان بتهوفن  لن يدخل معهد الموسيقا مثلاً، وكذلك المعارضة تعطي آلاف الوظائف في تركيا والخليج وحتى في الغرب وبسعر   ينافقونها  ، ويمكن أن تغفل عن كونك موال مادام الدّعم موجود.

أما الشّتيمة فقد أصبحت وباء يسري كما يسري السّم، ورائحة الكراهيّة تنبعث من بين السّطور. الأمر مفهوم فثقافة نصف قرن من الزّمان لن تذهب هدراً.

الأغلبية تزاحم على منصب ودخل ماديّ، ويسعون له من خلال الضجيج. هم لا يملكون المال لذا يشوشون علهم يصلون، وبعضهم يصل فعلاً.

ليس بخاف على أحد أن تشكيل أيّة حكومة سيكون بيد أمريكا والسّعودية. هل نقف ضدّ ، أم مع. من وجهة نظري أن مجرد تشكيل حكومة دون الأسد يمكن التغيير فيها سلمياً فيما بعد. نحن لا نصفق لها. فقط نتريّث ريثما نعرف كيف يمكن إدارة حراك مدني، وسيكون حراكاً مدنياً بالفعل. ليس فيه فوضى لأن الكثير من التيّارات أدركت مفهوم المصالحة الوطنية .

سوف يكون الطريق طويلاً نربي خلاله أنفسنا مستفيدين من تجاربنا، وستكون سورية دولة مدنيّة لكلّ السّوريين.

اقرأ:

نادية خلوف: تيارات جديدة على السّاحة السّورية