100 ألف ليرةٍ تكلفة أسبوعٍ في معتقل الشرطة العسكرية بحلب

زياد عدوان: كلنا شركاء

تعتبر الشرطة العسكرية في مدينة حلب من أسوأ المراكز التابعة للنظام بعد الأفرع الأمنية، والتي تتحكم بحياة المدنيين في سوريا عموماً وفي مدينة حلب خصوصاً بعد خروج كتائب الثوار منها نهاية العام الماضي، ولعل ما يميز هذا الجهاز الأمني هو المعاملة السيئة التي يتبعها مع المعتقلين، وخاصة الشبان المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية.

وتشهد جميع الأحياء في مدينة حلب انتشاراً مضاعفاً لعناصر الشرطة العسكرية الذين يقومون بدوريات راجلة وينصبون الحواجز عند مدخل ومخرج كل حي لاعتقال الشبان وسوقهم إلى المراكز التابعة لها، ليتم تسوية أوضاعهم وإلحاقهم بالثكنات العسكرية.

كما أن الدوريات الأمنية المشتركة تقوم بمساعدة خاصة للشرطة العسكرية من خلال التدقيق على هويات الشبان في مدينة حلب، من أجل اعتقالهم ليتم تسليمهم للشرطة العسكرية، والتي تقوم بإنشاء ‘ضبارة متخلف عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.

وخلال تلك الفترة حتى يتم الانتهاء من إنشاء الإضبارة ومجيء إشعار الفرز والأمور الروتينية التي تستغرق أحياناً من أسبوع وحتى الشهر، يقضي الشاب تلك الفترة في زنازين مراكز الشرطة العسكرية التابعة للنظام، ويتعرض خلال هذه الفترة للمعاملة السيئة من شتم وتعنيف، بالرغم من أنه أصبح عنصراً في جيش النظام منذ لحظة دخوله إلى فرع الشرطة العسكرية أو أحد المراكز التابعة لها.

وتصل تكلفة مصروف الأسبوع الواحد للشاب المعتقل في زنازين مراكز الشرطة العسكرية أو الفرع الرئيسي، لنحو مئة ألف ليرة سورية، حيث يقوم المعتقل بشراء الطعام والشراب والمعلبات والسجائر من أحد العناصر أو صف الضباط الذين يعتبرون سماسرة في فرع الشرطة العسكرية، من خلال التعاقد مع محلات بيع المواد الغذائية، والتي تقوم بزيادة أسعار بضاعتها بنسبة 20 في المئة على كل صنف من أصناف تلك المعلبات أو السجائر.

وأما بالنسبة للشبان ميسوري الحال فتختلف أمورهم خلال فترة التوقيف في السجون والزنازين، وذلك بعد يقدم الشاب إكراميات “رشوة” لعناصر الفرع من الضباط أو الأفراد وصف الضباط، والذين يقومون بالتساهل مع ذلك السجين، ويصل الأمر إلى أن تُدفع مبالغ مالية كبيرة من أهالي بعض الشبان المعتقلين في سجون الشرطة العسكرية مقابل تركهم وعدم الاستعجال في إنشاء إضبارات توقيفهم أو اضبارة السوق إلى الثكنات بحسب الإشعارات التي ترد من العاصمة دمشق، والتي يتم من خلالها فرز الشبان بحسب الجداول الواردة.

وفي أغلب الأحيان يتم التكتم من قبل عناصر فرع الشرطة العسكرية والمراكز التابعة له حول وجود شاب تم اعتقاله على إحدى الحواجز أو تم إنزاله من حافلات النقل.

وقال أحد عناصر المخابرات العسكرية التابعة للنظام، “طلب عدم الكشف عن اسمه” لـ (كلنا شركاء): “عند قدوم أحد أقارب المعتقل في أحد السجون أو الزنازين التابعة للشرطة العسكرية أو لفرع المخابرات العسكرية يتم التكتم عن وجوده وذلك مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة من ذويه، وإذا كان وضعه المادي جيد ويستطيع ذووه أن يدفعوا من أجل إبقائه موقوفاً لأطول فترة وعدم إرساله إلى منطقة الفرز، فإن مدة مكوثه في النظارة تكون مكلفة للغاية، فبعض الموقوفين يتم تحويلهم والاستعجال بإنشاء إضبارتهم لكي يتم سوقهم للتجنيد مباشرة، وذلك بسبب عدم قدرتهم على دفع المال للعناصر، وعدم التكفل بمصروفهم الشخصي أثناء توقيفهم، فهم يشكلون عبءً وليس منهم فائدة”.

وبسبب الدوريات الأمنية المشتركة والمكثفة في مدينة حلب، فإن الدور الأكبر ينحصر في إطار اعتقال الشبان والرجال من قبل فرع الشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية، واللتين تعملان بشكل متناغم لإفراغ المدينة من الذكور، حتى الذين قضوا فترة الاحتياط بعد انتهائهم من الخدمة الإلزامية في نهاية عامي 2015 و2017.

وقد اعتقل العشرات من الشبان خلال الحملات التي يقوم بها عناصر المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية، فيما يختبئ العديد من الشبان الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة والأربعين عاما، وذلك بسبب ضراوة الحملات التي تكون كلفتها دفع مبالغ مالية كبيرة خلال فترة التوقيف في السجون والزنازين.

وتحدث “عبد الوهاب عنجريني” عن توقيف أخيه بعد تسريحه بسبعة أشهر، وقال لـ (كلنا شركاء): “تم تسريح أخي بعد إتمام خمس سنوات من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وأثناء خروجه من المنزل بتاريخ السبت 18 آذار الماضي اعتقلته دورية تابعة للشرطة العسكرية في حي الحمدانية، وبقي موقوفاً في فرع الشرطة العسكرية في حي الجميلية نحو أربعة عشر يوماً، صرف خلالها حوالي مئتي ألف ليرة سورية، وذلك نتيجة تعامل عناصر من الفرع مع أصحاب محلات لبيع المواد الغذائية وغير ذلك، وقسم كبير من المال ذهب للعناصر من أجل تأخير فرزه، وفي النهاية تم فرزه إلى دير الزور”.

ونتيجة الحملات الأمنية المكثفة والتي تشنها الدوريات المشتركة وعلى رأسها المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية باتت مدينة حلب شبه خالية من الشبان إلا طلاب الجامعات الذين يتخوف معظمهم من تعرضهم للإيقاف من قبل إحدى الدوريات وتمزيق التأجيل الدراسي ومن ثم تحويلهم إلى السجون التابعة لأجهزة المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية.

وفي ظل هذه الظروف أصبح فرع الشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية يشكلان هاجساً مخيفاً لدى معظم الشبان والرجال في حلب، خشية اعتقالهم وسوقهم إلى الخدمتين الإلزامية والاحتياطية.





Tags: الشبيحة, حلب, سوريا, نظام بشار الأسد