Archived: ميسرة بكور: لماذا طلب بشار الأسد لقاء الرئيس الروسي بوتين

ميسرة بكور: كلنا شركاء

مما يزيد من الشكوك حول صحةأن »بشار الأسد» هو الذي طلب لقاء الرئيس الروسي »فلاديمير بوتين». ما أظهرته بعض التسريبات التي قيل أنها من  المقترحات التي قدمها وزير خارجية روسيا »لافروف» إلى نظيرة الأمريكي »جون كيري» الفقرة التي تحدثت عن ,, يقدم الرئيس الروسي »بوتين» بنفسه ضمانات بأن بشار الأسد لن يتم ترشيحه,, ولن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، لكن يمكن لشخصيات أخرى من عائلة الأسد أو شخصيات في النظام أن تترشح للانتخابات. حسب »القدس العربي». ببساطة شديدة »بشار الأسد» لا يعتبر نفسه رئيساً بل ملكاً. وسوريا وما فيها ملكاً شخصياً لـه، يرثها أولاده من بعده, وإما أن تكون خالصةً له وحدة أو أن لا تكون وهذا ما فعلة ويستمر بفعلة منذ أربعة سنوات , وهو ما قاله »الشبيحة» منذ أول يوم في الثورة “الأسد أو نحرق البلد”
وهذا ما تشير إليه بوضوح الفقرة التالية من التسريبات المنسوبة لـ”لافروف” التي تحدثت عن ,,التوافق على خطة لدمج قوات الدفاع الوطني والجيش السوري الحر وقوات أخرى في صفوف الجيش السوري والقوات الأمنية.,, ما وضعة هذه الفقرة إلا إرضاءً »للشبيحة» ضماناً خطياً لهم بعدم ملاحقتهم أمام المحاكم السورية أو الدولية , لضمان عدم تمردهم على قرار خلع بشار الأسد .

باختصار مكثف .

ذهب  »بشار الأسد» . إلى موسكو متخفياً متسللاً وربما مرتدياً »خماراً» نسائي , كي يقول للرئيس »بوتين» كلمتين وجهاً لوجه في غرفة مغلقة دون ثالث بينهما.أنا . لن, ولم, ولا, أفكر بالتنازل عن ملكي في دمشق, وسأقاتل الإرهابيين, حتى آخر رصاصة وأخر جندي وآخر علوي وشيعي لا يزال يقاتل تحت رايتي. وأراد  أن يسمع من” بوتين” رده  على هذا السؤال . إلى متى ستظل روسيا تدعمني وما هو سقف دعمكم لي وما هي حدوده المكانية ومداه الزمني وتفاصيله المادية. وما هي صحة أن »بوتين» بنفسه يتعهد بأن بشار الأسد لن يتم ترشيحه . , طبعاً هذا من وجهة نظر الأسد خيانة له وانقلاباً عليه.

دعونا نرتب أوراقنا بهدوء , جاءت زيارة بشار الأسد  في أجواء صاخبة وسماء سورية تعج بأنواع الطائرات حتى بات البعض يتهكم بالقول نحتاج إلى شرطي “مرور” حتى ينظم  طرق وممرات هذه الطائرات , ربما يدعم أصحاب هذه النكتة التوقيع مؤخراً على  برتوكول بين روسيا وأمريكا ينظم هذه المسألة .

«الثورة انتصرت ودخلت في مرحلة التحرير من الاحتلال« .

في هذه الأثناء كانت جولات من المباحثات المكوكية  تدور في أروقة وساحات “اسطنبول ” التركيتين , من أجل توحيد جهود الفصائل المقاتلة على الأراضي السورية بمختلف تسمياتها وراياتها , بإشراف مباشر من وزير الخارجية القطري »خالد العطية «ومسؤولين من هيئة أركان الجيش والاستخبارات في كل من قطر وتركيا  وتحظى بدعم وبقبول من دول أخرى . شملت هذه المباحثات كل من فصائل »حركة أحرار الشام الإسلامية»، إضافة إلى «جيش الإسلام» و «فيلق الشام«. والحديث عن تشكيل ما أطلق عليه «هيئة التحرير السورية», بعبارة أخرى أن الثورة السورية أو الصراع المسلح في سوريا أنتقل من مرحلة «مقاومة« طغمة حاكمة مغتصبة للسلطة بقوة الدبابة , إلى الحديث عن تحرير سوريا من الاحتلال» الروسي – الإيراني«, ونستشهد على ذلك بما قاله وزير الخارجية السعودي »عادل الجبير«، إن إيران “تحتل أراضِ عربية في سوريا“.
و بدأنا نرى ثمار هذا المشروع واضحة بأن قام جيش”الإسلام” برفع راية الثورة السورية لأول مرة منذ تشكيله.

بالعودة لموضوع «القنبلة «أقصد لقاء بوتين بشار الأسد .

قد يذهب البعض إلى أن بوتين طلب من بشار الأسد  الحضور إلى موسكو ن أجل التسويق الإعلامي والسياسي لأطروحات روسيا حول ماهية الحل في سوريا , وأراد من ذلك أن يرسل برسالة قوية إلى خصومه أن حليفة بشار الأسد مازال قوياً وممسكاً بزمام الأمور في سوريا وليس ضعيفاً حبيس قصره كما يزعم بعض خصومه من المعارضة السورية و داعميها .وأن التدخل الروسي في سوريا دعماً للأسد حقق إنجازاً كبيراً مفاده أن الأسد استطاع السفر إلى موسكو والعودة إلى دمشق بيسر وسهولة تامة بفضل الموقف الروسي الصلب الداعم له , لتكون أول زيارة رسمية «معلنة« للأسد منذ انطلاق الثورة السورية ضد نظامه في مارس من عام 2011 وهذا بحد ذاته إنجاز للموقف الروسي  المتمسك بشرعية نظام الأسد ودوره في محاربة الإرهاب .
على افتراض أن هذا المنطق صحيح ومعبر إلى حد ما عن الإرادة الروسية من هذه الزيارة, إلا أن الريح لم تجري بما تحب وتشتهي موسكو .

من الناحية الإعلامية والسياسية والبروتوكولية , كانت الزيارة فاشلة .

أعلنت موسكو أن بشار الأسد قام بزيارة عمل لروسيا الاتحادية أجرى خلالها مباحثات رسمية مع الرئيس بوتين , من المتعارف عليه دولياً أن زيارة العمل تعلن قبل موعدها بأسابيع إن لم نقل أشهر ويحدد لها جدول أعمال وجدول زمني , ويكون فيها ممثلين عن الطرفين من رجال أعمال وسياسة وربما من العسكريين , وهذا لم يحدث في لقاء بوتين – بشار
من الناحية الإعلامية  كان المشهد باهت مثل فلم معربي مكرر أعيد تسجيل وتركيب مشاهده عشرات المرات حتى ظهر بهذا الشكل .
الإخراج الإعلامي كان ضعيف كونه مسجل. ومن جهة أخرى أظهر بشار الأسد طرف ضعيف يستجدي ويكيل الشكر والمديح للطرف الآخر مثلما يفعل  التلميذ مع معلمه .
وهو لم يعقب بأي كلمة أو إشارة إلى التحالف والتنسيق الروسي  مع« نتانياهو « في الأجواء السورية , ولم يبدي تحفظ وقلق من الحديث عن افتتاح ممثليه لحزب كردي في موسكو , وهذا ينال من هيبته كرئيس للدولة التي يزعم أنه يمثلها .؟.!

من الناحية السياسية يعتبر إهانة سياسية ومهزلة للصورة التي يحاول أن يرسمها بوتين لنفسه «القيصر« أمام جمهوره وخصومة السياسيين .
لأنه من غير المعقول والمنطقي  أن قيصر روسيا ورجلها الحديدي الذي أرسل جيشه  ليحارب في سوريا دفاعاً عن أمنه«القومي« ضد الإرهاب وعن حليفه بشار الأسد , أن يكون بهذا العجز والضعف ولا يستطيع أن يخرج حليفه من قصره لزيارة القيصر , إلا متخفيا تحت جناح الظلام وربما بملابس نسائية وينقله بطائرة شحن  ولا يعلن عن زيارته إلا بعد أن أعاده إلى حبسه في قصر المهاجرين بدمشق , أين ذهبت عظمة وهيبت روسيا وقيصرها وجيشها .
قد يشطح بأحدهم الخيال ويخال له أنه إنجاز كبير حققته الاستخبارات الروسية وجيشها بأن أخرجت بشار من دمشق وأعادته إليها دون أن يشعر به أحد.
نقول لهم وما أدراكم أنه لم يكن بتنسيق مع دول أخرى ؟ ولعلي أذكر قول  رئيس الحكومة التركي «أحمد داوود أوغلوا«. حين تمنى أن تبقي روسيا بشار الأسد عندها ولا تعيده لدمشق, قالها طبعاً بعد الزيارة, لكن ما أدراكم أنه لم يكن لديه علم بها وربما توقع ما يرجوه ويتمناه ؟.
خلاصة القول أن الزيارة كانت فاشلة بكل المقاييس ولم تحقق ما أريد لها من تسويق إعلامي وسياسي , وهنا لا نتحدث عما تم الاتفاق عليه في الكواليس .

لو كانت روسيا فعلاً قوية ,لأخرجته من دمشق في وضح النهار ولأعلنت عن الزيارة بتحدي واضح , لكنها لم تكون واثقة برجالات الأسد ومتخوفة من أن ينقلبوا عليه أو أن يستهدفوا طائرته أو يمنعونه من العودة ,أو أنها كانت متخوفة من عدم أمكانية حمايته وهو في طريق السفر من أن تجبر أحد الدول الطائرة التي أقلته من الهبوط بالقوة واعتقاله .

اقرأ:

ميسرة بكور: السجال الأميركي الروسي على سورية