Archived: بروجكت سينديكيت: من يحزر النصر في حرب الشرق الأوسط الباردة؟

بروجكت سينديكيت: ترجمة مركز الشرق العربي

تجري الحرب الباردة في منطقة ساخنة جدا. المكون الأساسي للتنافس الطائفي بين الإسلام الشيعي والسني في الشرق الأوسط جيوسياسي، مع مواجهة إيران للسعودية وحلفائها الخلجيين في الصراع الجاري للهيمنة الإقليمية.
كما كان الحال في الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فإن الصراع لا يتضمن مواجهة عسكرية مباشرة بين الخصوم الرئيسيين، على الأقل ليس حتى الآن. إن هذه الحرب تخاض دبلوماسيا وإيدلوجيا واقتصاديا – خاصة في سوق النفط- ومن خلال الحروب التوكيلية، مثل الصراع الجاري في كل من اليمن وسوريا. هناك مشاكل قليلة في الحرب الأوسع في الشرق الأوسط لا يمكن عزوها إلى الصراع على السلطة بين السعودية وإيران.
حاليا يبدو أن للإيرانيين اليد العليا. بعد موافقة المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي على توقيع الاتفاق الذي يحدد من قدرات إيران النووية في أغراض سلمية، تم رفع العقوبات الغربية. والآن يبدو أنه من المقبول الدخول في أعمال مع إيران، ويبدو أن اقتصادها المنهار يعود للانتعاش مرة أخرى. في هذه الأثناء، ضم إيران لأجزاء من العراق بحكم الأمر الواقع – بموافقة أمريكية مفاجئة- مستمر لأنه يبدو أن لا أحد مستعد حاليا للوقوف في وجه ما يسمى “الدولة الإسلامية”. 
تملك إيران ميزة القوة البشرية، مع عدد سكان يبلغ حاولي 77 مليون نسمة، بالمقارنة مع السعودية التي يصل عدد سكانها إلى 28 مليون نسمة. وفي حين أن جيشها أقل كقاءة من حيث التجهيز مقارنة بخصمها، إلا أن عدده أكبر. حليف إيران العربي الأهم، الرئيس بشار الأسد، أعطي مهلة طويلة مع استمرار الصراع في بلاده فترة طويلة ولكن دون أي نتيجة. 
وهذا الأمر جعل السعوديين يشعرون بالتخلي والضعف. إنهم يعتقدون أن حليفهم التقليدي العظيم، الولايات المتحدة، خذلهم من خلال التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. في هذه الأثناء، فإنهم يخشون بأن الفوضى في الجارة العراق تعرضهم لمخاطر استراتيجية مزمنة.
كما أن السعوديين يتعرضون لانتقادات كبيرة بسبب النسخة الوهابية من الإسلام التي يتبنونها، والتي يلقى عليها اللوم بشكل واسع في أحتضان الإرهاب وإلهام الإرهابيين. في هذه الأثناء، فإن سجل حقوق الإنسان في السعودية– بما في ذلك حرمان النساء من الحقوق الأولية- يتعرض لمراقبة مستمرة.
في مواجهة هذه الخلفية، تنقل المملكة المعركة إلى أعدائها. الملك سلمان بن عبد العزيز هو الحاكم الرسمي للبلاد، ولكن ابنه، الأمير محمد بن سلمان آل سعود، يمارس نفوذا واسعا في البلاد.
بوصفه وزيرا للدفاع، استمر محمد في سياسة السعودية المتمثلة في دعم المتمردين المناوئين للأسد في سوريا، بالتنسيق مع تركيا، في حين أطلق حربا على رجال العشائر الموالين لإيران في اليمن( بكلفة إنسانية باهظة). كما أنه دعم، إن لم يكن حرض، على حالة القمع الداخلي، وشن هجوما اقتصاديا ضد إيران – ظهرت آثاره حتى الآن في انخفاض أسعار النفط عالميا.
في بداية مايو، تم استبدال وزير النفط القديم في المملكة علي النعيمي ليحل مكانه خالد الفالح، وهو حليف لمحمد. يعد هذا التعديل مؤشرا على عزم محمد على استخدام أسعار النفط كسلاح ضد إيران وحليفتها روسيا. كمنتج مرجح للنفط عالميا، ومع وجود احتياطي هائل من النفط القابل للاستخراج بأسعار زهيدة، فإنه يمكن للسعودية أن تغرق السوق بالنفط إذا أرادت ذلك. 
حاليا، يغرق السعوديون السوق. وهم يسعون إلى التأثير على إيران وروسيا، وكلاهما بحاجة إلى أسعار مرتفعة للنفط من أجل الحفاظ على النمو الاقتصادي. كما يأملون في إفلاس منتجي النفط المستخرج من الصخر الزيتي الذين خفضوا اعتماد أمريكا على النفط الشرق أوسطي. وكما اعلن محمد مؤخرا، فإن المملكة لا تكترث بأسعار النفط؛ حيث قال:” 30$ أو 40$ كل ذلك سواء بالنسبة لنا”، وفي المقابل فإن إيران وروسيا بحاجة إلى أن يصل سعر برميل النفط إلى 70$ على الأقل.
صناعة النفط في الولايات المتحدة أثبتت أنها أكثر تكيفا ومرونة مما كان متوقعا؛ افتتحت حقول نفط الصخر الزيتي الأقل سعرا مع إغلاق الحقول القديمة. ولكن هجوم النفط السعودي ساعد في إقناع إيران وروسيا بجر الأسد وركله للتوجه إلى طاولة المفاوضات.
خطة محمد الاقتصادية الجديدة “رؤية 2030” التي تم الكشف عنها في مايو، جبهة أخرى في الحرب الاقتصادية، وهي مصممة لإظهار أن السعودية بمنأى عن الضغوط الاقتصادية المحلية التي تعاني منها كل من إيران وروسيا. تدعو الخطة إلى التنويع الاقتصادي وإنشاء صندوق ثروة سياددية ضخم للحد من أثر مردودات أسعار النفط المنخفضة التي استخدمتها الطبقة الحاكمة تقليديا لشراء السلم الاجتماعي.
استراتيجية السعودية لا تخلو من التكاليف. حوالات الخليج التي تصل إلى 10 مليار دولار في العام إلى مصر (التي تقبع هي نفسها تحت ضغط اقتصادي وتراجع كبير في عائدات السياحة بعد الهجوم الإرهابي الأخير) تراجع إلى حوالي 3 مليار. والتمويل الموجه إلى لبنان انقطع بصورة تامة تقريبا.
ومع أنه من الصعب توقع النتائج طويلة الأمد لهذه الحرب الباردة، إلا أن إيران وروسيا لا يمكن أن تكونا أكثر من مجرد موطئ قدم للسلطات في العالم العربي. ربما يكون في قدرة الشيعة الحفاظ على نفوذ في العراق وسوريا ولبنان (من خلال حزب الله)، ولكن لن يكون في وسعهم التنافس على نطاق أوسع من ذلك. حوالي 90% من العرب هم من المسلمون السنة، وبالتالي فهم حلفاء محتملون للسعودية.
في وسع السعوديين إن يثبتوا أنهم أكثر نضجا، وأقل ارتيابا من أي وقت آخر. على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات لطمأنتهم – وأن لا ترفع الضغط عنهم لتحسين سجل حقوق الإنسان وتطبيق إصلاحات سياسية واقتصادية.