بيان التضامن مع اللاجئين السوريين في لبنان.. للتوقيع

كلنا شركاء: المدن

وزعت مجموعة من الناشطين والناشطات بيانا يندد بالعنصرية والاعتداء على النازحين السوريين، ودعت الى توقيعه… هنا نص البيان:

قلقون نحن يا أصدقاء ويا صديقات،ولعلّ أكثر ما أثار قلقنا وخوفنا وصدمتنا لم يكن قرار منع التظاهر ولا خطابات السياسيين العنصرية ولا تسريب بلدية بيروت لأسماء الناشطين من المنظِّمين للوقفة التضامنية ولا حتى التهديدات التي انهمرت على رفاقنا ورفيقاتنا في المنتدى الاشتراكي، أولئك الطيبين والطيبات الذين وقفوا دائماً مع الحقوق والعدالة.

قاسية كانت الحملة المضّادة لمجرّد تنظيم وقفة تضامنية متواضعة مع اللاجئ/ة السوري/ة في لبنان، والتي – بلعبة سياسية – حوّرت الموضوع لترغم اللبنانيين/ات على اتخاذ موقفٍ لم يكن مطروحاً أصلاً: “إما أنتم مع داعش أو مع الجيش اللبناني” (؟!) أو على الاختيار بين ازدواجية لا منطق لها: “إما أنتم مع السوريين أو مع اللبنانيين” (؟!).

ورغم قساوة تلك الحملة المضادة الشائكة، إن أهم ما دق ناقوس الخطر في قلوبنا هو تجاوبكم السريع مع هذا الفخ السياسي القديم الذي فتح باب الكراهية والحقد على مصراعيه ففاضت تلك البشاعة على مواقع التواصل الإجتماعي تهديداً وتخويناً وجزماً وتشنّجاً.

لن نضيف إلى ما صرّح به المنتدى الاشتراكي في بيانه التوضيحي الذي استنكر ما حصل. لكننا وحرصاً منّا على ما تبقى من قيم إنسانية وديمقراطية ومنطقية في هذا المجتمع، نتوجّه إليكم بثلاثة أسئلة ورجاء، لعلّنا نحافظ على بقعة صغيرة شجاعة في هذا البلد تقول الكلمة الصعبة غير الرائجة وتجد من يسمعها ومن يحاورها بطريقة هادئة وبناءة.

أوّلاً: هل نسمح بنجاح هذا التكتيك اليوم، فتسود سنة انتخابية مشحونة بالكراهية والعنف؟

إن كنّا نعرف أن خطاب الكراهية والعنصرية لا يأتي من الناس بل من السياسيين، فلماذا نقع في فخهم دائماً؟ كذب علينا الزعماء يا أصدقاء. أمضوا سنوات (بل عقود منذ اللجوء الفلسطيني) يكرّرون اللحن ذاته: أن اللاجئين/ات السوريين/ات في لبنان هم/ن سبب تفشّي البطالة وتراكم النفايات وانقطاع الكهرباء وزحمة السير وجفاف المياه في الصيف وفيضان الطرقات في الشتاء. غضوا النظر عن الموضوع الاقتصادي الاجتماعي والذي كنا فعلاً ولا نزال بحاجة لمناقشته بطريقة علميّة تقدّم الحلول (وما أكثر تلك الحلول!) وزجّوه في بحر من العنصرية ودون أي اهتمام بالعمل الفعلي لمعالجته – سوى السعي لجلب المساعدات والمزيد من المساعدات بالمليارات من قارات ودول تفضل ألّا يأتي اللاجئون/ات إليها.

قالوا مراراً وتكراراً أن اللاجئ/ة عدو كي يستخدموه/ا كبش محرقةٍ يبعدون به/ا إصبع الاتهام عنهم. إنها ورقة انتخابية تكاد أن تنجح دائماً: عندما يسعى الحكام إلى تفرقة الناس وافتعال الكراهية والخصومة، ننسى أن نحاسب الحكام. فكيف تحاسب ذاك الذي يتذرّع بالوطنية ومحاربة الإرهاب؟ أهذه هي استراتيجيتهم في هذه السنة الانتخابية؟ أهكذا يتهرّبون من محاسبة الناخب/ة؟ أهكذا يشترون النسيان ويضمنون النجاح؟ على ظهر اللاجئين/ات؟

ثانياً: هل نرضى بقمع التعبير عن رأيٍ يتضامن مع اللاجئين؟

هل أعمانا الإعلام الطائفي في المنطقة حتى استحال علينا رؤية الإنسان السوري العالق بين مطرقة بشار وسندان داعش؟ الهارب من الطيران الروسي والسلاح الأميركي؟ هل ضاقت بنا السبل لأن نعلق كل سبب أزماتنا على أفرادٍ لا يحملون/ن الجنسية، لا يصوتون/ن، لا ينتخبون/ن ولا يضعون/ن السياسات العامة للبلاد؟ هل بلغ بنا النكران واليأس لأن نلوم أولئك الذين واللواتي لم يمكن لديهم/ن الخيار في الرحيل من بلادهم وطلب الأمان في بلادنا؟ إن الموارد لا تكفي الجميع، هذا صحيح، لكنها لم تكفِ أحد قط، هل اللاجئون/ات هم أصحاب الشركات التي تشتري مرافق الدولة والتي بلغ سوء إدارة مرافقها درجة مخيفة من الإهمال؟

هل اللاجئون/ات هم/ن الذين/اللواتي يصرّون/ن على إفقار الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية؟ هل اللاجئون/ات يتوارثون/ن المناصب والمقاعد النيابية والانتخابية؟ هل يحمي اللاجئون/ات القتلة والمتاجرين بالبشر؟ هل ضاقت بنا السبل لنغلق أفواه فئة لا تشعر بالرّضى تجاه السياسات التي تحمّل اللاجئين/ات ما لا قدرة لهم عليه. هل نفقد إنسانيتنا لأن الحكام لم يعاملونا كبشر أصلا؟ إن حرية التعبير هي كل ما نملكه في بلد سرقت موارده، وأمواله، وشواطئه العامة، فلندافع عنها لأنها خلاصنا جميعا.

ثالثاً: هل الجيش فوق القانون؟

حتى وزير الداخلية صرّح بضرورة البحث في الوفيات السورية التي حصلت في عهدة الجيش. ألا يخضع الجيش للقانون والمحاسبة؟ حتى العمليات العسكرية تخضع لقوانين دولية تمنع استهداف المدنيين/ات وتفرض التحري في الوفيات وتمنع التعذيب. فهل هي خيانة أن نذكّر بذلك؟

إما أن يكون القضاء في لبنان مستقلّاً يحاسب من طعن رجلاً في الشارع بعد مشكل سير، ويحاسب من قتل زوجته بعد سنوات من العنف، ويحاسب من استغل عاملة أجنبية لأنه يعرف أنها لن تشتكي خوفاً من الترحيل، وأن يكون القضاء مصدر ثقة وطمأنينة عند الناس أو لا يكون.

إن الشجاعة مُعدية، كما المحاسبة تماماً، وكلاهما يؤديان لحلم يتوق إليه اللبنانيون/ات جميعا وهو حلم الدولة العادلة القادرة على إنصاف الأخلاق على العصبية. هكذا تُبنى البلاد، وهكذا يتعلم الحكام التعقّل، وهكذا نسترجع حقنا جميعا بالمواطنة الفاعلة.

إن الجيوش صورة عن بلادها، فهل نطلب الكثير إذا أردنا صورة محبة للإنسان وحقوقه؟ هل هذا مطلب كبير في بلاد أصبح التفاؤل فيها ألا نقتل برصاص طائش والسلاح المنتشر؟ إن المحاسبة نقيض الخيانة، لأنها توق إلى ممارسة دورنا كمواطنين ومواطنات، وإلى بناء قاعدة مشتركة بيننا جميعا: أن القانون فوق الجميع. وأنه يحق لكل إنسان بغض النظر عن لونه أو دينه أو عرقه – وحتى بغض النظر عن جريمته – أن يحظى بمحامٍ يدافع عنه، فهل نقبل بالتشهير بمحامية وقفت لحماية القانون والأصول وتوكّلت بقضية الذين قتلوا في ظروف غامضة؟

رجاءً لا تسمحوا لهم بأخذ ضمائرنا أيضاً!

طوال السنوات الماضية، تدهور وضع هذا البلد وأخذ سياسيّوه منّا الحقوق والآمال والمساحات العامة وحتى الرصيف والبحر والشجر والتراث – فهل نسمح لهم بأخذ الإنسانية والضمير أيضاً؟

فلتعلُ الأصوات المطالبة بالكرامة للإنسان – أي إنسان، فوق أصوات الطبول القارعة للمعركة – أية معركة.





Tags: اللاجئين السوريين, سوريا, لبنان