عمر العرودي: تعايش اليهود مع المسلمين حلال!!

عمر العرودي: كلنا شركاء

توطئة:

شهدت العلاقات السياسّية والاقتصاديّة بين اليهود والمسلمين تأزُماً بلغ حدَّ القطيعةِ على مرٓ فترة غير وجيزة ،حتى باتت مسألة التعايش بينهما مسألة ً قابلة ً للتحريم ،وهل لذلك بديل ! كأنّ ماحدث تاريخياً لايعدو أن يكون إلا ضرباً من ضروب البحث عن الغفران! بل كأن الصراع ِ بينمها أمرً مقضيً لامفر منه ،وما السلام والتعايش إلا عوماً في سراب طواحين الهواء،وجزءمن الكفر…

ورغم التباحث الطويل في شأن إمكانيات التعايش بين اليهود والمسلمين،إلا أنّ باب المسألة مازال على مصراعيه مفتوحاً ومازال السؤُال مطروحاً:هل تعايش اليهود مع المسلمين حلال؟!

إنٙ مجرد التفكير في هذه المسألة يقودنا رأساً إلى مايترتب عنها من إشكاليات فرعية يمكن مقاربتها ب:

بأي معنىً يمكن اعتبار مسألة التعايش بين اليهود والمسلمين متوقفة على ثنائية الحلال والحرام؟

أليس من الممكن أن تكون هذه المسألة لاعلاقة لها بالحلال والحرام وأن إمكانيات التعايش تتحدد درجتها بمدى قابليتها لأن تكون ورقة سياسية فاعلة؟

آ_ من الناحية الدينية:

تعايش اليهود مع المسلمين حلال.

¶-في الديانة الإسلامية:

يرتبط الإحلال والتحريم في الديانة الإسلامية بالكليات الخمس :حفظ النفس؛ حفظ المال؛حفظ العرض؛حفظ النسب ؛حفظ العقل.فما كان مُضراً بإحداها دخل في دائرة الحرام ومالم يمس بها استوى في دائرة الحلال.وبماأنّ التعايش مع اليهود أو غيرهم لايؤثر سلباً في هذه الكليات فإنه حلال .بل أن قارئ القرآن والسنة كونهما مصدر التشريع الإسلامي لايفوته مايتضمنانه من إكبار وإجلال للتعارف والتسامح بين الشعوب والقبائل ولايخمد هذا الصوت كلما تعلقت آية أو حديث بمسألة التعايش السلمي بين المسلم وغيره،ولعل هذا مايخوّل لنا القول :إن الديانة الإسلامية تدعو إلى السلام بطريقة صريحة لالُبِسْ فيها ولاشّكْ . وهو مايطفو بمسألة التعايش بين اليهود والمسلمين من أعماق الحلال والحرام إلى سطح الضروريات.

¶-في الديانة اليهودية:

إن التشابه بين اليهودية والإسلام قائم إلى حد بعيد !؛ وإنْْ لنا لانعدم خصوصية كلً منهما،خصوصاً فيما يتعلق بالمسألة محل الدرسْ ،ذلك أنِّ اليهودية لاتشرع للحرب ولا لنبذ غير اليهودي بل إنّها تعلْي درجة الآخر وتعُده بمرتبة المواطن رغم الظروف التاريخية التي نشأت فيها هذه الديانة السماوية،ولايخفى ماتقّدمٰ سواء أدّان ذلك إنطلاقاً من تسمية اليهودية نفسها التي تُعرب حالياً عن أن الإنسان اليهودي الذي لا يؤمن بما تمليه الديانة اليهودية من أركان يظل يهودياً لأنه من أصول يهودية ،أم ارتكازاً على اللاويين (22.24) “حكم واحد يكون لكم الغريب كالوطني ،إني أنا الربُّ إلهكم ” -يبين اللاويين هنا على قداسة السلام في الديانة اليهودية ومكانته التي تشعُّ عمنْ آمن وعمنٔ لم يؤمن مادام السلام يملأ قلوب البشر.

إنّ السلام على هذا النحو يرتقي إلى مرتبة اللؤلؤة من العقد في كلتا الديانتين الإسلامية واليهودية حتى أننا نكاد نجزم أنهْ بمرتبة الديانة الكونية وهنا تنفتح أبواب المساءلة من جديد:هل التحريم السياسي والتاريخي يعُلو على الإحتلال الديني فيما يخصُ مسألة التعايش بين اليهود والمسلمين؟

¶-من الناحية السياسية:

#تعايش اليهود مع المسلمين حلال وحرام ؟.

آ- في السياسة الإسلامية:

يبدو الأمُر غريباً أوّل وهلة عند الاصطدام بجِدارٍ سميكٍ قُدّ من قِداسةٍ وسياسةٍ ،إذ أنى للسياسي أن يمتزج بالديني والحال أنهٙما سلطتان متناقضتان ؟وإذا سلمنا بإمكانية هذه الفرضية فإلى أيهما تكون الغلبة؟وكلمّا كان الأمر ذلك فعلى أي أساس يمكننا تفكيكه ففهمْه؟ في الواقع إنّ الاجابة عن هذه الإشكاليات في علاقتنا بما قدمنا سابقاً رهينة الإفاقة على العناصر المُشكلّةِ البِْنية الذهنُية المجتمعية وأهمها التركيبة الثقافية التي تؤطر الرأي العام حسب مشكلاتها التاريخية وغيرها.

إذا بحثنا من هذه الزواية في مرد القول بأن التعايش بين اليهود والمسلمين حرام في السياسة الإسلامية انتهينا إلى أنه في ظلْ غياب ثقافة مجتمعية حول الديانة اليهودية وانتشار متصور ذهنٰي عام حولها مفاده أن اليهوديّة رمّز الاغتصاب والفساد والكفر ،كان على سياسة هذه المجتمعات أن تستجيب لهذا المتصور الذهني المشترك وترغب عن جدوى التوعية بأهمية الإطلاع عن اليهودية وقابلية التعايش مع اليهود .

إن هذا التواطؤ على مفهوم محدد لليهودية واستحابة أهل السياسة لمقتضيات ذلك ترتب عليه بطريقة غير مباشرة تحريم ،ماأحله الله دون وعي .

ب- في السياسة اليهودية:

لايختلف الأمر كثيرا في السياسة اليهودية عما سبق في خصوص الشغور الثقافي فلا شك في أن نسبة ℅96 على الأقل من اليهود لايعلمون عن الإسلام غير ماقدّسته السياسة من صورة دموية وكره لليهود ،ولاعجب في ذلك! فمن الضروري إقناع شعب بممارسات بعض سياسييهم الدموية وهذا الاقناع

لا يمكن أن يبلغ أشده ويصبح إرادّة مشتركة إلا إذا تم تبريره من داخل الديانة أو فلنقل من الله .على هذا النحُّو يمكننا القول إن تحريم التعايش بين اليهود والمسلمين هو انعكاس منطقي ،تاريخي وثقافي وللممارسات السياسية ،فبين سياسة إسلامية بررّت سفك الدم اليهودي وبين سياسة يهودية استجابت للوهم المجتمعي وبين سياسات عالمية رأسمالية من مصالحها أن تبقى الأمور هكذا عليه!! وأضحت الديانة اليهودية والديانة الإسلامية رمز بين الدم والكفر…

خاتمة القول :

هكذا فإنّ السلام يتأرجح بين أطراف عديدة فتارة بين الحلال والحرام وتارة أخرى بين الدين والسياسة وطوراً ثالثاً بين التاريخ والواقع .