on
Archived: مجموعة عمل اقتصاد سوريا اليوم تنشر تقريرها عن (حريتان) في حلب
وليد عانم: كلنا شركاء
يتناول البحث ال14 رابع عشر لمجموعة عمل اقتصاد سوريا ضمن سلسلة: “المشهد الاقتصادي السوري” ، الحالة الاقتصادية لمدينة حريتان التي اكتسبت أهمية خاصة بعد الثورة، فقد تحولت إلى مركز منطقة أكثر من كونها مركز ناحية فقط، وهي مع باقي بلدات الريف الشمالي كعندان وبيانون وحيان تُعدّ مركز الثورة في ريف حلب والخزان البشري الأكبر للثوار، كما أن هذه البلدات تعدّ من أكثر المناطق سخونةً طوال عمر الثورة السورية وفي أيامنا هذه، وذلك لمتاخمتها لخطوط الاشتباك مع قوات النظام
يشير التقرير إلى مصادر الدخل في القطاع الخاص حيث توفر الزراعة من مواسم وإيجارات توفير مصدر دخل لجزء من سكان المنطقة (حريتان وما حولها)، إضافةً إلى العمال الزراعيين (الفُعول كما يسمَّون محلياً) وهو عمل باليومية أو القبالة كما تسمى، ويعمل بهذه الطريقة عدد من الرجال و النساء حتى الأطفال أحياناً. أجر عامل اليومية 500-750 ل.س، وكذلك الصناعة مصدر من مصادر الدخل لأصحاب المعامل والورشات الصناعية ولأصحاف الحرف والعمال التي يعملون بها، وعلى الأغلب أجور العمال هنا أسبوعية. يدخل في هذا القطاع عمال البناء لكن تختلف طريقة حساب الأجور في البناء فتكون عادة باليومية أو القبالة كما في حال عمال الزراعة. أجر عامل اليومية هنا من 1000- 1500 ل.س، أما الأجرة الأسبوعية للصناع فتتراوح بين 3000 – 10000 ل.س، لكن توقف كثير من المعامل، وتضاءلت مصادر الدخل في الصناعة نتيجة توقف معظم المعامل والمقالع في هذه المنطقة، وما زال بعض المعامل مستمراً بدفع رواتب بعض العمال بدون تشغيل تعويضاً عن البطالة أو لقاء الحراسة برواتب شهرية بين 25000 50000 ل.س، وكذلك التجارة والخدمات التي تشمل تأمين آبار المياه الخاصة مصدر دخل لأصحابها و عمال نقلها، إضافة إلى الدخل من مولدات الكهرباء هي مصدر دخل لأصحابها، ويلحقها بيع الأمبيرات وأجور العمال والفنيّين، وكذلك شبكات الاتصالات والتي تؤمّن دخلاً لأصحابها ومستثمريها والعاملين في هذا القطاع الذي يضم بيع خدمة الإنترنت اللاسلكية، وبيع الوحدات أو دفع فواتير الهواتف الجوالة، وقطاع الوقود النفطي والحطب، وقطاع الصرافة والاتجار بالعملات.
أشار التقرير إلى أحجام الصناعة والخدمات والزراعة و يعدّ موسم عام 2014 من أسوأ المواسم الزراعية وخصوصاً لأهم محصولين أساسيين هما القمح و الزيتون؛ فبالنسبة للقمح هناك محْل حقيقي، ليس في حريتان و ما حولها فحسب بل في كل ريف حلب الشمالي الذي يعتمد الزراعة البعلية خصوصاً في القمح. ففي هذا العام لم تعطِ الأرض سوى نصف كيس للهكتار (50-60)كغ في الهكتار، وهذا يعدّ رقماً كارثياً حيث إن الرقم الاعتيادي لمحصول زراعة القمح 15- 25 كيس (1500 – 2500 كغ) لكل هكتار بحسب موسم الأمطار. أما بالنسبة للزيتون فالموسم كذلك هذا العام من أقل المواسم بسبب طبيعة المعاومة (أي حمل الشجر عاماً وعدم حمله العام التالي) للزيتون، فضلاً عن أثر الصقيع.
يتجاوز إنتاج الأراضي الزراعية التابعة إدارياً لمركز ناحية حريتان وحدها في الأعوام العادية 1000 طن من القمح القاسي، كما قدر موسم سنة 2015 من الزيت بأقل من 100 طن، وهو في الأعوام السابقة يقدر بما فوق 1000طن. في العام 2015 كان الموسم جيداً لكن للأسف لم تحصد الغلال في كثير من المناطق التي تحولت لأماكن اشتباك أو جبهات وذلك كقرى باشكوي وتل مصيبين وغرب بيانون ورتيان وحردتنين، حيث تعتمد المنطقة على مخزون القمح المتوفر من المواسم السابقة، وما تبقى من مخزون احتياطي وزع على كامل البلدات في أواخر عام 2012 بعد الاستيلاء على مستودعات إكثار البذار في الليرمون.
كما قدر محصول الشعير عام 2015 ب 500 طن في الأراضي المتاخمة لحريتان و حيان وبيانون ورتيان وحردتنين وباشكوي.
وأما الصناعة فقد أشار التقرير أن معظم معامل الريف الشمالي منذ صيف عام 2012 قد توقفت، نتيجة استمرار قصف النظام لهذه المنشآت الصناعية. إذ تحتوي المنطقة على عدة تجمعات صناعية ضخمة ومعامل ضخمة خاصةً في الصناعات النسيجية والتحويلية كمعامل الخيوط والنسيج والصناعات المتممة لها، وذلك في المنطقة الصناعية في الليرمون وكفر حمرة، وفي تجمعات المعامل الخاصة في حريتان وحيان وبيانون المتاخمة لبلدة مغاولة (الزهراء الموالية للنظام) حيث كانت المنطقة تحتضن أكثر من ألف معمل توقف كلها أو معظمها نهائياً، وتوقفت اليد العاملة التي تشغلها من سكان هذه المنطقة، ففقد سكان المنطقة والريف الشمالي ومدينة حلب حوالي 150000 فرصة عمل، كما فقدت المنطقة مرة أخرى فرص العمل ضمن القطاع الصناعي بعد سيطرة قوات النظام على المدينة الصناعية في الشيخ نجار.
وأضاء التقرير على واقع الخدمات السيء من حيث الصحة و الاتصالات والكهرباء والماء، حيث أنه لا يتم ضخ المياه من مدينة حلب لحريتان، وقد لا تجري المياه أو تُضخ سوى 4 ساعات شهرياً لا تعمّ سائر الأحياء. من أجل ذلك يعتمد الأهالي اعتماداً كاملاً على مياه الآبار، حيث يبلغ سعر صهريج الماء بسعة 6 متر مكعب 1000 ل.س تشمل النقل والضخ، كما تم التعرض للواقع التضخمي جراء انهيار الليرة السورية وتذبذب الأسعار، وإدارياً يقدم المجلس المحلي خدمات صيانة شبكة الكهرباء والصرف الصحي والنظافة، وهو يقدم العمال والآليات الخاصة بالنظافة، ويتكفل برواتب قسم من موظفي النظافة بالتعاون مع منظمة سولداريتي، و يبلغ عدد عناصر الدفاع المدني 27 موظفاً براتب 175 دولار شهرياً مقدمة من وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السوية المؤقتة. ويعدّ مركز الدفاع المدني في الريف الشمالي بمنزلة غرفة عمليات نشطة على مدار الساعة، ويضم عدة مراصد تحذر الثوار والأهالي في حال قرب خطر الطيران في الأجواء وتطمئنهم عن توفر الخدمات العامة، وذلك من خلال تردد الدفاع المدني على القبضات اللاسلكية.
وخلص التقرير إلى عدة توصيات من مثل إعادة تشغيل المعامل في المنطقة ولو بالحد الأدنى، و اتخاذ أساليب الاحتياط بنقل وسائل الإنتاج إلى مناطق أكثر أماناً، لدعم الناس في بقائهم في مساكنهم وعدم تجدّد موجات النزوح الضخمة، ودعم مشاريع الطاقة البديلة من طاقة رياح وطاقة شمسية وتوليد الغاز من النفايات..إلخ، و دعم المؤسسات المدنية والنقابات العلمية (مهندسون أحرار – محامون – أطباء – معلمون) بهدف إعادة الحد الأدنى من الدخول على الأقل لأصحاب المهن العلمية، وتحسين طرق المواصلات وحمايتها من اللصوص، وتعميم تجربة منظومة اتصالات الدفاع المدني والشرطة.
والمعروف أن مجموعة عمل اقتصاد سوريا هي مؤسسة غير ربحية تعنى بالشأن الاقتصادي السوري يرأسها المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي، وقد نشرت بالتعاون مع باحثين اقتصاديين سوريين 29 تقريراً اقتصادياً إلى الآن، 14 أربعة عشر تقريراً اقتصاديا بعنوان :“الخارطة الاقتصادية لسوريا الجديدة” ونشرت كذلك 14 أربعة عشر تقريراً بعنوان “المشهد الاقتصادي السوري” إضافة إلى تقرير اقتصادي حول “المنطقة الآمنة في الشمال”.