Archived: اللاجئون السوريون قد ينعشون الاقتصادات الصناعية الكبرى في أوروبا

القدس العربي-

يتدفق اللاجئون السوريون على القارة الأوروبية بعشرات الآلاف برا وبحرا هاربين من جحيم الحرب في بلادهم، وسط تساؤلات كبيرة عن التأثيرات الاقتصادية على الاتحاد الأوروبي لقدوم هذا العدد الكبير من المهاجرين، فيما يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تدفق هذا العدد من الشباب على دول صناعية كبرى مثل ألمانيا سوف ينعش اقتصادها وليس العكس كما يعتقد الكثيرون.
وتقول السلطات في الاتحاد الأوروبي أنها استقبلت أكثر من 218 ألف طلب لجوء خلال النصف الأول من العام الحالي، الا أن العدد مرشح للارتفاع بصورة حادة مع نهاية العام، حيث سجل تدفق اللاجئين تسارعاً كبيرا في أول شهرين من النصف الثاني من العام.
وتتوقع ألمانيا وحدها، وهي الاقتصاد الاكبر في أوروبا، أن تستقبل أكثر من 800 ألف طالب لجوء خلال العام الحالي 2015، وهو رقم قياسي تاريخي لم يسبق أن شهدته البلاد في تاريخها، فيما تقول السلطات الأوروبية إن أزمة اللاجئين هي الأكبر في القارة منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم التخوفات الكبيرة من الانعكاسات الاقتصادية المحتملة على تدفق المهاجرين، بما في ذلك المخاوف من ارتفاع نسب البطالة، وزيادة تكاليف الإعانات الاجتماعية الا أن الكثير من الاقتصاديين يبدون اعتقادهم بأن تدفق هذه الايدي العاملة على القارة الأوروبية سوف يؤدي إلى انعاش اقتصاداتها، وهو ما يذهب اليه أيضا أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة لندن الدكتور ناصر قلاوون الذي قال لـ«القدس العربي» إن «اقتصادات أوروبا الكبـرى لن تتضرر من هذا العدد الكبير من تدفق المهاجرين، حيث أن دول مثل ألمانيا وهولندا وبريطانيا يمكن أن تستفيد من وجودهم».
ويلفت قلاوون إلى أن «غالبية المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يقصدون أوروبا هم من فئة الشباب، أو الاطفال صغار السن، وهؤلاء يمكن أن تستفيد منهم اقتصادات مثل ألمانيا التي تسجل نسب بطالة متدنية وتحتاج إلى أيدي عاملة لانعاش قطاعها الصناعي».
لكن قلاوون يتحدث عن فائدة تجنيها الدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا بسبب تدفق أيدي عاملة رخيصة على البلاد، مع حالة من القلق تعتري دول أوروبية أخرى مثل اليونان واسبانيا التي تسجل البطالة في كل منهما نحو 25٪، وهي نسبة مرتفعة جداً.
وفيما يتعلق بالاعباء والتكاليف المالية المترتبة على الاعانات التي تضطر حكومات أوروبا لتقديمها للاجئين يقول قلاوون إن الاستراتيجية التي تستخدمها حتى الان دول أوروبا لن تكلف البلاد مزيداً من الأعباء، وبالتالي لن تضطر الحكومات لرفع الضرائب المترتبة على مواطنيها، وهذا على المدى القصير على الأقل.
ويشرح قلاوون الاستراتيجية المشار إليها بالقول انها تعتمد على اقتطاع جزء من الأموال المخصصة للاعانات والمساعدات الخارجية لتقديمها للاجئين الذين يصلون إلى هذه الدول، إضافة إلى أنه يتم تحميل جزء من العبء على الهيئات والجمعيات الخيرية غير الحكومية التي تقوم بتمويل أعمالها عبر التبرعات المالية التي تجمعها من الناس.
ورغم ذلك فان قلاوون لا ينكر بأن الاعداد الكبيرة من اللاجئين قد يتحولوا إلى عبء على القارة الأوروبية، ولكن على المدى المتوسط والطويل، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من اللاجئين قد يتحولوا إلى عبء بعد أن يحصلوا على اقامات وجنسيات وتصبح الدول الأوروبية هي المتكفل بهم، بدلاً من الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية.

تكاليف اللجوء

وتقول الأرقام الرسمية الأوروبية التي جمعتها «القدس العربي» من مصادر مختلفة إن كل طالب لجوء في بريطانيا يكلف الدولة 36.95 جنيه استرليني أسبوعيا (50 دولار تقريباً)، أما في فرنسا فتصل التكلفة لكل شخص إلى 56.62 جنيه استرليني أسبوعياً، أما في ألمانيا التي يرغبها اللاجئون فتنخفض التكلفة إلى 35.21 جنيه استرليني، وفي السويد تبلغ 36.84 جنيه أسبوعياً للشخص الواحد.
وبحسب تحقيقات أجراها موقع الكتروني أوروبي متخصص بشؤون الهجرة، فان طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم منذ العام 2000 وحتى الآن، وتمت اعادتهم إلى بلدانهم الاصلية كلفوا القارة الأوروبية أكثر من 11 مليار جنيه استرليني (17 مليار دولار)، وهو ما يعني أن طلبات اللجوء المرفوضة وحدها تكلف أوروبا أكثر من 1.1مليار دولار أمريكي سنوياً.
وتتصاعد وتيرة الدعوات في أوروبا بأن يتم تخصيص تكاليف اللجوء، سواء الطلبات المرفوضة أو المقبولة، من أجل تحسين أوضاع اللاجئين في دول الجوار لسوريا، وتحديدا تركيا ولبنان والاردن، بما يجعلهم غير مضطرين للهروب نحو أوروبا.
ويتحدث أصحاب هذا الرأي عن ضرورة زيادة المساعدات التي يتلقاها السوريون في مخيمات اللجوء في كل من الاردن وتركيا ولبنان بما يدعم بقاءهم في دول الجوار لحين تحسن الأوضاع في مدنهم وقراهم ويعودوا اليها.
يشار إلى أن دول أوروبا تبحث حاليا العديد من السيناريوهات للتعامل مع ازمة اللاجئين، بما في ذلك منحهم حق اللجوء المؤقت دون الحصول على الجنسيات بعد مرور فترة زمنية معينة على اقامتهم، في الوقت الذي بدأ فيه العالم يشعر بضرورة انقاذ سوريا من الحرب واحلال السلام فيها لأن تداعيات الحرب أصبحت تتوسع في كل اتجاه.

اقرأ:

الإتحاد الأوروبي يتعهد بإعادة اللاجئين لأسباب إقتصادية الى بلدانهم والإبقاء على السوريين