on
Archived: مصير فاروق الشرع.. لغزٌ حتى إشعار آخر
| الشرع: “النظام والمعارضة غير قادرين على حسم الأمور عسكرياً، ولا بد من العمل على بقاء سوريا كدولة، وليس لصالح بقاء فرد أو جماعة” |
عبد الله حاتم: الخليج أونلاين
لعقود طويلة من عمر نظام “الأسدين” الأب والابن اعتبر فاروق الشرع، الذي استبعد من حزب البعث، ومن منصبه كنائب للرئيس السوري في العام الثاني من عمر الثورة السورية، أحد أهم الأوجه السياسية للنظام داخلياً وخارجياً.
يرجع مراقبون مكانة الشرع في النظام السوري إلى رغبة الديكتاتور الراحل، حافظ الأسد، جعله بمثابة الضمانة “السنية” داخل النظام، الذي يغلب على رجالاته الانتماء إلى الطائفة العلوية، فالشرع تسلم منصب وزير الخارجية لـ 22 عاماً، حظي خلالها بثقة الأسد الأب، الذي أوكل إليه ملف المفاوضات مع إسرائيل، التي بدأت سراً في العام 1991، فضلاً عن ملف العلاقات مع موسكو وواشنطن.
اللافت أن بشار الأسد هو الذي زكى الشرع لعضوية القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا عام 2000، وهو نفسه الذي أبعده عام 2012 عقب اندلاع الثورة السورية، بعد أن أدى دور الوسيط بين النظام والشعب، خلال فترة الحوار الوطني التي قادها خلال أشهر الثورة الأولى، إلا أن ارتباطه بمسقط رأسه درعا، التي اندلعت فيها شرارة الاحتجاجات المناهضة للنظام، غلب – كما يعتقد مراقبون – ولاءه المطلق للنظام وقائده.
-مسألة ولاء
وكانت آخر مرة ظهر فيها الشرع للعلن خلال جنازة أعضاء خلية الأزمة التي شكلها الأسد للتعامل مع الثورة السورية، والذين قتلوا في تفجير مبنى الأمن القومي السوري عام 2012، وبعدها اختفى الرجل، وظهرت تكهنات من حين لآخر، تارة تتحدث عن انشقاقه، وتارة أخرى عن تفرغه لكتابة مذكراته في ظل إقامته الجبرية التي وضعه النظام بها، بعد مطالبة جامعة الدول العربية، والمجتمع الدولي، بتفويض الأسد صلاحيته كرئيس جمهورية للشرع.
وتعود آخر زيارة خارجية قام بها الشرع خارج سوريا هي إلى الرياض؛ للتعزية في وفاة ولي العهد، الأمير سلطان بن عبد العزيز، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2011، الزيارة التي وصفها معارضون سوريون على اطلاع على ملف الشرع بأنها أدخلت “المزيد من شك النظام في ولائه”.
وبحسب مصادر صحفية فإن الشرع آنذاك نقل للأسد اقتراحاً سعودياً بتسوية سياسية للأزمة السورية، عندما كانت سلمية في أشهرها الأولى من الثورة، تضمن “استضافة الرياض حواراً بين النظام السوري ومعارضيه، إذا قرر الأسد التنحي عن السلطة”.
وكان آخر تصريح صحفي للشرع في العام 2013، عندما نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عنه قوله: إن “النظام والمعارضة غير قادرين على حسم الأمور عسكرياً، ولا بد من العمل على بقاء سوريا كدولة، وليس لصالح بقاء فرد أو جماعة”، مشدداً على أن “توفير الأمن للمواطنين واجب على الدولة، لكنه يختلف عن انتهاج الحل الأمني للأزمة، ولا يجوز الخلط بين الأمرين”.
هذا التصريح يبدو أن أغضب النظام السوري، حيث استبعد حينها من عضوية القيادة القطرية للحزب، وفي العام 2014 تم استبعاده من منصب نائب الرئيس.
-لغز
وفي يونيو/حزيران 2014 كشف المبعوث الدولي السابق إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، أنه حاول مراراً الاجتماع بالشرع، لكن محاولاته اصطدمت برفض النظام؛ لإخراجه نهائياً من المشهد السياسي.
ويبدو أن ما أخاف رأس النظام السوري من الشرع -بحسب خبراء ومراقبين للحالة السورية- هو مطالبة جامعة الدول العربية، والدول المعنية بالشأن السوري، بتفويض الأسد بصلاحيته الرئاسية للشرع، الأمر الذي حظي بقبول المعارضة السورية.
وفي أغسطس/آب من العام الماضي أكد الائتلاف السوري المعارض أن “موسكو اقترحت أن يقود الشرع المرحلة الانتقالية، واستبعاد الأسد، وأنها أخبرت أميركا وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية بأنها غير متمسكة بالأسد، وإنما تبحث عن بديل يحفظ لها مصالحها، خاصة قواعدها العسكرية في الساحل السوري”.
وأعادت مذكرات فاروق الشرع، التي حملت اسم “الرواية المفقودة”، المنشورة في يوليو/تموز 2015، الرجل إلى الواجهة؛ لما لاقت تلك المذكرات من صدى واسع، إذ يخرج الكتاب وكأنما ليثبت أن الشرع لا يزال طليقاً.
الكتاب تحدث عن كواليس عمله السياسي خلال حكم الأسد الأب، لكنها بالتأكيد ليست ما ينتظره القارئ الشغوف بمصيره خلال الثورة السورية، الذي يبدو أنه سيظل لغزاً حتى إشعار آخر.
Tags: محرر