on
موسكو ترحب بإنهاء برنامج دعم المعارضة في إستراتيجية أميركية جديدة
كلنا شركاء: الحياة
رحبت روسيا بإعلان مسؤولين أميركيين في إدارة الرئيس دونالد ترامب بوقف الإدارة برنامج تدريب وتسليح فصائل من المعارضة السورية. وقالت الخارجية الروسية: «نرحب بكل خطوات خفض التوتر». وجاء الترحيب الروسي بعدما كشف مسؤولون أميركيون لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن إدارة ترامب قررت وقف برنامج دعم وتدريب بعض فصائل المعارضة السورية، وذلك في تغيير كبير لسياسات واشنطن حيال المعارضة المعتدلة، ووسط تقارب متزايد بين أميركا وروسيا وفرنسا في رؤيتهم للحل في سورية. وبيّن مسؤولون أميركيون أن ترامب اتخذ قرار التخلي عن برنامج تدريب ودعم المعارضين السوريين قبل شهر واحد تقريباً، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، والمستشار الأمني هربرت رايموند ماكماستر، وذلك قبل لقائه الأول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عقد على هامش قمة دول العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية.
وقال أرتيوم كوجين المسؤول في الخارجية الروسية، إن موسكو ترحب بالخطوة. وزاد في إيجاز صحافي أمس: «كافة الخطوات التي تهدف نحو تخفيف التوتر وتعزيز الأمن في الشرق الأوسط نرحب بها». وأعتبر كوجين، أن مواقف بعض فصائل المعارضة اقتربت في شكل ملحوظ تجاه حل الأزمة».
وتابع: «وفقاً لبعض التقديرات، نرى وجود تقارب ملحوظ في مواقف منصات الرياض والقاهرة وموسكو في المعارضة السورية تجاه حل النزاع، أنها باتت أكثر واقعية في تقييمها لحل الأزمة السورية».
وذكر الديبلوماسي الروسي أن الجولة السابعة من مفاوضات جنيف بين السوريين التي أجريت برعاية الأمم المتحدة «أثبتت تحقيق تقدم في موضوع التسوية السورية».
وزاد: «خلال الاتصالات بين الأطراف السورية تم تحقيق تقدم في اتجاهين: في مناقشة القضايا الدستورية والقانونية، فضلاً عن توحيد صفوف المعارضة».
وكانت «واشنطن بوست» كشفت أن ترامب، قرر إغلاق البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية لتسليح وتدريب معارضين سوريين.
وأوضحت، استناداً إلى مسؤولين في الإدارة أن «الإغلاق النهائي لهذا البرنامج السري يعكس اهتمام ترامب بإيجاد سبل للعمل المشترك مع روسيا، التي تعتبر هذا البرنامج… ضرباً لمصالحها».
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا البرنامج شكل «عنصراً محورياً في السياسة، التي بدأتها إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما عام 2013، للضغط على (الرئيس السوري بشار) الأسد من أجل تنحيته»، لكنها أضافت أنه حتى أنصار الرئيس أوباما «شككوا في مدى فعالية هذا البرنامج بعد أن نشرت روسيا قواتها منذ سنتين في سورية».
وبيّن المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا للصحيفة، أن ترامب اتخذ القرار خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ومستشار الأمن القومي الأميركي، وذلك قبل لقائه الأول مع بوتين في مدينة هامبورغ. ورفضت سارة ساندرز الناطقة باسم البيت الأبيض التعليق على الموضوع في إفادة للصحافيين. كما رفض كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومجلس الأمن القومي التعليق على التقارير.
ويعد قرار واشنطن تحولاً كبيراً في موقفها من دعم وتسليح المعارضة السورية. ومن شأنه أن يخفف الضغوط على النظام السوري. وكانت القوات الأميركية، في 7 نيسان (أبريل) الماضي، أطلقت بأمر من ترامب، 59 صاروخاً من طراز «توماهوك»، من مدمرتين للبحرية الأميركية، على مطار الشعيرات (طياس) العسكري الحكومي جنوب شرقي مدينة حمص وسط سورية، بعد اتهامها القوات النظامية باستخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين.
وأعلن ترامب أن هذه القاعدة الجوية هي التي انطلق منها الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب السورية. وأكد آنذاك، في رسالة وجهها إلى الكونغرس في شأن الضربات، أنه سيتخذ خطوات إضافية في سورية، حال تطلبت الضرورة.
ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أن رغبة ترامب في علاقات عمل مثمرة مع بوتين وراء قراره وقف البرنامج. وأثمرت أول محادثات مباشرة بين ترامب وبوتين خلال قمة العشرين عن اتفاق الطرفين على هدنة في الجنوب السوري، بالتشاور مع الأردن، تشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وتقع هذه المناطق على حدود سورية مع الأردن والعراق وتنشط فيها فصائل سورية معارضة مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. ووفقاً لـ «واشنطن بوست»، فقد دعم الأردن قرار وقف تدريب وتسليح فصائل المعارضة. ولفتت مصادر الصحيفة إلى أن إلغاء برنامج تسليح وتدريب المعارضة لم يدخل ضمن شروط هذا الاتفاق، التي بدأت المفاوضات حولها قبيل لقاء ترامب وبوتين.
ولا يشمل وقف تدريب وتسليح فصائل سورية معارضة، «قوات سورية الديموقراطية» أو «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تحارب «داعش» في الرقة.
وأوضحت المصادر أن عملية إغلاق البرنامج السري الأميركي ستستمر أشهر، مشيرة إلى أن جزءاً من قدرات هذا البرنامج يمكن أن يوجه في مهمات أخرى في سورية مثل محاربة «داعش».
ولا يدعم كل مسؤولي الإدارة قرار وقف البرنامج. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الحالية»: «هذا القرار حيوي… وبوتين فاز في سورية».
من جانبه، قال إيلان غولدنبيرغ، المسؤول السابق في إدارة أوباما ومدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط في «مركز القرن الأميركي الجديد»: «هذه الخطوة، على ما يبدو، إيماءة للسير باتجاه الواقع».
ويمثل هذا الإجراء، بحسب معطيات المسؤولين الذين تحدثت إليهم الصحيفة، جزءاً من الاستراتيجية الجديدة الأوسع، التي يتبعها ترامب وتركز على عقد مفاوضات مع روسيا حول اتفاقات في شأن إعلان «هدنات محددة» في كل أنحاء سورية.
وتتبلور رؤية أميركية- فرنسية- روسية تركز على وقف العنف وبدء عملية سياسية بانخراط أكبر من الدول الثلاث. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان مساء أول من أمس، إن فرنسا تريد من القوى المعنية بالأزمة السورية الانضمام إلى «مجموعة اتصال» تقدم مقترحات للأطراف المتحاربة في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات السياسية.
وكان فوز إيمانويل ماكرون في انتخابات الرئاسة الفرنسية وفر لفرنسا فرصة لإعادة النظر في سياستها تجاه سورية. والتغير الذي طرأ هو تخليها عن مطالبتها بتنحي الأسد كشرط مسبق للمحادثات على رغم أن المسؤولين الفرنسيين ما زالوا مصرين على أنه لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية في الأجل الطويل.
وتنسق فرنسا حالياً سياستها الخارجية على ما يبدو على أساس الأولويات الأميركية في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والسعي لروابط أوثق مع روسيا، وهي خطوة ترى فرنسا أنها تعطيها دوراً في الوساطة بين القوتين، خصوصاً في ما له صلة بسورية.
وقال لو دريان في حديث لشبكة «سي نيوز»: «تفترض هذه المبادرة ألا نضع رحيل الأسد شرطاً مسبقاً للمحادثات». وقال إن من شأن ذلك أن يشجع روسيا على دخول العملية.
ولم يورد لو دريان تفاصيل عن نوعية المقترحات الجديدة التي يمكن عرضها أو عن الشكل المحتمل لمجموعة الاتصال أو كيف ستؤثر في جهود السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة والمتعثرة منذ سنوات.
ولم ترد وزارة الخارجية أو مكتب الرئيس على أسئلة عن هذه المبادرة.
وقال ماكرون إنه يأمل أن تضم المجموعة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، فضلاً عن قوى إقليمية ومسؤولين من المعارضة والحكومة.
وقال ديبلوماسي من الشرق الأوسط إن ترامب وافق من حيث المبدأ على الفكرة خلال زيارة لباريس الأسبوع الماضي، لكنه يريد أن تضم المجموعة فقط أعضاء مجلس الأمن.
وفي شهر حزيران (يونيو) قال ماكرون، إنه لم يعد يعتبر رحيل الأسد شرطاً مسبقاً للتفاوض على تسوية للصراع.
وقال السفير الروسي ألكسي بورودافكين للصحافيين في جنيف أول من أمس، إن موسكو ترى ذلك تطوراً إيجابياً. وأضاف: «المهم في رأيي هو أن هذه المبادرة تستند كذلك إلى ما أعلنه الرئيس ماكرون عن أن فرنسا لم تعد تطالب بأن يتنحى الأسد على الفور».
وتم فتح موضوع اقتراح فرنسا تشكيل «مجموعة اتصال» بالفعل مع بعض الأطراف المحتملة، غير أن العديد من الديبلوماسيين الفرنسيين قالوا إن «الفكرة ما زالت غير واضحة».
وعلق ستيفان دي ميستورا، الوسيط الأممي لسورية على الاقتراح في جنيف يوم الجمعة الماضي بعد الجولة السابعة من المحادثات، قائلاً: «في الواقع ستكون الأمم المتحدة في وضع يؤهلها للقيام بما تقوم به الآن، لكن مع اختلاف وحيد وهو أن تكون الدول المؤثرة للغاية فعلياً في وضع ربما يكون له تأثير مباشر أثناء المحادثات… هل أعارض ذلك؟ هذا بالتحديد ما تحتاجه الأمم المتحدة وتريده أن يحدث».
معارضون: القرار لا يشملنا
لندن- «الحياة» – قالت مصادر عسكرية تتبع فصائل في «الجيش السوري الحر» وتنشط في شمال سورية، في تصريحات نقلتها مواقع المعارضة السورية، إن قرار الولايات المتحدة الأميركية إنهاء برنامج «دعم فصائل المعارضة لا يشملها، نظراً لتلقيها دعماً في إطار برنامج آخر.
وقال أبو جعفر، نائب القائد للواء «المعتصم بالله»، إن قرار وقف الدعم لا ينطبق عليهم «لأننا نتلقى الدعم ضمن برنامج تدريب قاعدة أنجرليك». وزاد: «وصل مثل هذا القرار وتداوله الإعلام لكن لم نلمس أي تغيرات على الأرض».
وأكد نائب قائد «اللواء 51»، أبو حمزة، إن القرار لا ينطبق عليهم أيضاً. فيما قال القائد العام لـ «فرقة السلطان مراد»، العقيد أحمد عثمان، إنهم لم يتلقوا أي قرار رسمي بعد، مؤكداً أنهم يتلقون دعماً لوجستياً فقط لا دعماً بالأسلحة والذخائر. وتدعم أميركا فصائل تتبع لـ «الجيش السوري الحر» تعمل شمال البلاد، مثل «سورية الديموقراطية» و «وحدات حماية الشعب»، وأخرى جنوبها مثل «قوات جيش المغاوير» و «قوات أحمد العبدو» و «جيش أسود الشرقية».
10 حقائق عن برنامج دعم الفصائل
لندن – «الحياة» – انطلق برنامج دعم عناصر تنتمي إلى «الجيش السوري الحر» في عام 2013، وذلك بعد اتفاق بين أميركا وتركيا لتدريب عناصر المعارضة السورية «المعتدلة» وتجهيزهم.
– بدأ البرنامج بإرسال واشنطن أكثر من 400 جندي أميركي ينتمي بعضهم إلى القوات الخاصة، لتدريب هؤلاء العناصر في مواقع داخل سورية وخارجها، تحديداً في تركيا والأردن، لمحاربة «تنظيم داعش».
– دشن البرنامج، بتدريب حوالى 1200 عنصر من المعارضة السورية، قالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أنهم سيخضعون لـ «عملية تدقيق»، شاركت فيها الاستخبارات الأميركية واستخبارات دول حليفة. وأفاد «بنتاغون» آنذاك بأنه يريد أن يدرب 3000 عنصر في نهاية 2015.
– تقاسمت واشنطن وأنقرة مسؤولية إدارة البرنامج، إذ تولى عسكريون أتراك تدريب عناصر المعارضة إلى جانب أميركا التي كانت المصدر الأساسي لتزويد المعارضة بالأسلحة. ومن قلب برنامج التدريب هذا، ظهرت فصائل «الفرقة 30» و «سورية الجديدة» و «ثوار سورية».
– أعلنت واشنطن أنها أنفقت نحو مليار دولار على تدريب عناصر المعارضة. لكن تأثيرهم على الأرض ظل محدوداً، بخاصة مع توجه عدد منهم إلى القتال إلى جانب فصائل إسلامية لا تدعمها واشنطن.
– رفض «بنتاغون» تعزيز تسليح عناصر فصائل «الجيش الحر» بأي أسلحة نوعية، خوفاً من وقوعها في يد «داعش» أو غيره من التنظيمات المتطرفة.
– خلال أقل من عام من بدء البرنامج، اعتبر جوش إرنست، الناطق باسم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن البرنامج «فشل فشلاً ذريعاً»، موضحاً في تصريحات لقناة «سي بي إس» الأميركية أنه «قتل واعتقل واختفى نصف عدد الذين تم تدريبهم حتى قبل خوض أي معارك ضد داعش»، وذلك في مواجهات مع عناصر «جبهة النصرة».
– مع هشاشة تأثير الفصائل، ظهرت أفكار لوقف برنامج تدريبها وتسليحها في الأشهر الأخيرة من ولاية أوباما.
– خلال حملته الانتخابية، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه، إذا ما انتخب، سيوقف برنامج تدريب تلك الفصائل، ناعتاً غالبيتها بـ «الإرهابي».
– يعتقد كثرٌ أن أحد الأسباب الأساسية لقرار واشنطن وقف برنامج تدريب المعارضة المعتدلة، يعود إلى تفككها والصراعات المحتدمة داخلها وضعف تأثيرها، والتحولات الميدانية والسياسية منذ دخلت روسيا بثقلها ساحة الصراع السوري، ما حتم مقاربات جديدة.
Tags: أمريكا, الثورة السورية, روسيا, سوريا