Archived: الصحفي اللبناني فداء عيتاني لـ (كلنا شركاء): خلافات الكبار بدأت تطيح بـ (حزب الله) الصغير

إياس العمر: كلنا شركاء

ازدادت بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية أعداد القتلى في صفوف ميليشيا (حزب الله) اللبناني في ريف حلب الجنوبي، واعترف الحزب خلال أقل من أسبوع بمقتل 34 عنصراً لبنانياً من الحزب بينهم عدد من القادة.

وللحديث عن خسائر الحزب وحول ما أشيع عن خلاف بين حلفاء النظام بخصوص عدم تامين غطاء جوي من قبل الطيران الروسي لميلشيا حزب الله في ريف حلب الجنوبي، التقت “كلنا شركاء” بالصحفي اللبناني فداء العيتاني المعروف بمواقفه المناهضة لحزب الله، وكان معه هذا الحوار:

كان ملاحظاً خلال الأيام الماضية تزايد أعداد القتلى في صفوف حزب الله بشكل غير مسبوق، فما هو السبب؟

لقد ارسل قادة القوات الروسية في سوريا حزب الله إلى حتفه في الريف الجنوبي لحلب، بات من المعلوم أن القوات السورية سواء النظامية او تلك المعروفة بالشبيحة قد انسحبت من العديد من النقاط، ولم تشارك عملياً في معارك خلصة، وحتى النقاط التي ضرب منها الجيش الحر صواريخ التاو على مجموعات حزب الله، هي مواقع للجيش السوري النظامي وقد أخلاها مما خلق ثغرات مكنت الجيش الحر من اصطياد عناصر حزب الله وغيرهم، كما سهلت لجيش الفتح إعادة السيطرة على خلصة والقرى المجاورة لها في الجزء الاول من عملية يفترض ان تستكمل في منطقة الحاضر.

هذا أحد العوامل، وهناك ايضاً عامل إضافي ورئيسي ان حزب الله بدأ يشعر بالتعب في سوريا، وقد شغل لفترة طويلة دور القوة الضاربة التي تتقدم في الاقتحامات ثم تنسحب وتترك الحماية والمهام الروتينية لغيرها من القوى، اليوم يتم استنزاف قوات الحزب هذه في مهام روتينية هم غير مؤهلين لها، ولا قادرين على تلبية الحجم العددي واللوجستي للجبهات السورية في حزب الجيوش الكبيرة التي تخاض في حلب وغيرها من المناطق.

إلا ان العامل الرئيس هو الخلاف بين الكبار، من فشل اجتماع التنسيق بين الروس والايرانيين في طهران، بدا أن هناك من سيدفع الثمن، طبعا حزب الله هو حزب صغير لجزء من طائفة صغيرة، في بلد هامشي ولا يشكل أكثر من أداة، ومن السهل تحميله ثمن الخلافات بين الكبار لتبادل رسائل بين الروس والايرانيين.

في الماضي كان حزب الله يبرر أمام حاضنته الشعبية انه يقاتل دفاعا عن العمق اللبناني وفي المناطق الحدودية أما الآن فان العشرات من مقاتلي الحزب سقطوا في الشمال السوري فهل يستطيع الحزب تبرير الامر؟

المقولة التي تشير اليها قديمة، وقد سقطت منذ زمن طويل، والتبريرات التي يقدمها الحزب في لبنان متنوعة، من قتال داعش قبل ان تأتي الى لبنان، وصولا الى ان طريق فلسطين تمر من الزبداني وحلب وادلب، وانتهاء بحملة من تسعير الهواجس المذهبية بين جمهوره واثارة مخاوف المسيحيين من ابناء الطوائف الاخرى.

يستخدم حزب الله عدة دعائية متنوعة، لم يعد يمكن تصديق اي منها، ولكن حكم القوة وفشل القوى السياسية الاخرى في لبنان يسمح له بتكرار نفس الكلام، وطبعا لا يصدقه سوى من يرغب بتصديقه، ومع الخسائر التي وقعت مؤخرا، وخاصة تلك التي نتجت من الاشتباكات بين الجيش السوري وبين حزب الله وباقي المرتزقة الاجانب في سوريا، ساد شعور بالضياع في اوساط مؤيدي حزب الله، ولحقته الخسائر التي مني بها الحزب في ريف حلب الجنوبي، وقبلها تطور العلاقات الروسية الاسرائيلية والبدء بالتحضير للمناورات البحرية المشتركة، كل ذلك استدعى من ماكينة الحزب الاعلامية اعادة تكرار مقولاتها الجاهزة، وان كان الجميع بات يعلم ان كل الشعارات التي تتردد في الة الاعلام الموالية للحزب والنظام قد باتت قديمة ومتأكلة ولا ينفع منها لتجييش الناس غير الدعاية المذهبية وتعميم مشاعر الكراهية.

هل تعتقد بان الطيران الروسي يقوم بتامين غطاء جوي لمقاتلي حزب الله في سوريا؟

هناك عبارة قالها احد النواب الروس مؤخرا، واصبحت هي المعيار، «روسيا لا تعمل عند النظام أو عند حلفائه، طيرانها ليس مجرد غطاء جوي، وأي تحرك لا يُنسَّق بالكامل مع روسيا لن يحظى بدعمنا»، منذ بداية التدخل الروسي في سوريا في أيلول من العام الماضي بدا واضحاً أن هناك تباين واحياناً يكون تبايناً قاتلاً في الأهداف، وبحسب المعلومات فإن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أبلغ بشار الأسد مضمون هذه العبارة، وحدد الأهداف التي تهم روسيا، وأن روسيا لن تؤمن الغطاء لقوات لا تلتزم باستراتجيتها القتالية، وهو ما برز في معركة خلصة، حيث غاب الطيران لأكثر من سبب، أولها هو الاشتباك المباشر، وثانيها هو السبب السياسي آنف الذكر.

من المفيد هنا الاشارة الى ان الضباط الروس وقيادة العمليات الروسية قد أنجزت تقريباً الامساك بالقوات السورية المؤيدة للنظام، بعد ان كان العديد من الاجهزة العسكرية والامنية ممسوكا من الايرانيين، وان التحكم والسيطرة اليوم بيد روسيا، وهي من سيحدد اي المعارك التي تحظى بأهمية وتستحق تقديم الغطاء الجوي وايها لا تعني روسيا، ويمكن ترك المقاتلين من جانب النظام ليلقوا مصيرهم بمفردهم.

هل من الممكن أن يخفض حزب الله عدد مقاتليه في سوريا بالتزامن مع الخسائر الكبيرة للحزب، وهل تتوقع ان يكون هنالك صراع على النفوذ ما بين حلفاء النظام في سوريا ولاسيما حزب الله وإيران من جهة والروس من جهة اخرى؟

لقد فشل اجتماع طهران الثلاثي الذي ضم روسيا وإيران وسوريا، ومن الواضح ان من أفشل الاجتماع هو الجانب الروسي، الذي أرسل بطلب رئيس النظام دون ان يبلغه من سيلتقي، وصوره وهو يرحب بوزير يستدعيه إلى قاعدة عسكرية على ارض بلاده، وصور الوزير وكأنه هو الشخصية المركزية والتقط صور الاسد من الخلف، ليفهم الجميع، من هو القائد ولمن القرار في سوريا.

صراع النفوذ بدأ منذ اليوم الاول لدخول روسيا إلى سوريا، ولكنه كان محمياً بستار سميك من التعتيم على المعلومات ومن ضخ معلومات حول الاسلحة وانواعها وقدرات روسيا التي ستقدم في المعركة، قبل ان يبدأ التنسيق الجوي الروسي الاسرائيلي، وبعدها تعطيل وجهات مصالح إيران نحو الجنوب السوري، وتحويل الهجمات نحو الشمال.

وفي سياق سياسي مشابه فإن أحزاباً صغيرة، كحزب الله، وقوى أخرى، كحركة النجباء العراقية أو لواء الفاطميون الافغاني التابع للحرس الثوري ما عليهم إلا الامتثال للاعبين الاكبر، ما سيتقرر في التجاذب الايراني الروسي سيطبقه هؤلاء بصمت.

ولن يتمكن حزب الله من سحب نفسه من الوحل السوري، بل على العكس، سيعمل على تجنيد المزيد من المقاتلين اللبنانيين، وتوريط المزيد من الشبان، وتأسيس ميليشيات سورية موالية له لتغطية النقص العددي على الجبهات. وفي النهاية سيضطر الى تحمل الخسائر وتبريرها بالغيبيات والإسلاميات والتحريض على الآخرين، لقد أدخل حزب الله إصبعه في ماكينة فرم اللحم، التي لن تتوقف قبل ان تفرم جسده كله.

اقرأ:

أبرزهم القائد رمزي مغنية… حزب الله ينعى قافلة تضمنت 16 قتيلاً في سوريا





Tags: سلايد