on
Archived: د. محمد الزعبي: التدخل الروسي الصارخ والتدخل الأمريكي الصامت
د. محمد الزعبي: كلنا شركاء
قبل أن أكتب هذا العنوان الكبير لهذه المقالة الصغيرة ، قرأت كلا البيانين الصادرين عن أهم جماعتين في المعارضة السورية ألا وهما ” الإئتلاف الوطني لقوى التغيير والمعارضة “ و ” جماعة الإخوان المسلمين “ ، حول التدخل العسكري الروسي الأحدث في سوريا ، والذي أشار الطرفان المذكوران في بيانيهما ، بصورة خاصة إلى مايلي :
١. انتقلت روسيا بهذا التدخل العسكري الأحدث من التدخل السابق غير المباشر في المسألة السورية. ( استخدام الفيتو في مجلس الأمن دعماً لنظام بشار الأسد ) إلى التدخل الحالي المباشر، ( إرسال قوات عسكرية عالية التسليح إلى المنطقة التي ماتزال تحت سيطرة النظام )
٢. لقد وضعت روسيا نفسها بهذا التدخل العسكري المباشر ، موضع العدو المشارك مع بشار الأسد في حربه الطائفية ضد الشعب السوري ، وليس فقط المساند لبشار عن بعد ،
٣. إن هذا التدخل مهما كان كيفه وكمّه لن ينقذ بشار الأسد من مصيره المحتوم في السقوط ، ٤. ولن يثني الشعب السوري عن المضي في تحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة ،
٥. تقع على عاتق المجتمع الدولي عامة ، ولا سيما العالم الحر ، ومنظمة الأمم المتحدة ، وجامعة الدول العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والشعب الروسي نفسه ، مسؤولية وضع حد لهذا التدخل العسكري الروسي ضد الشعب السوري بوصفه يمثل ” احتلالاً ” عسكرياً مباشراً للجمهورية العربية السورية ، والتي هي عضو في الأمم المتحدة وفي جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي .
اتفق بطبيعة الحال مع هذين البيانين الذين قمت بتلخيص أفكارهما الرئيسية بالنقاط الخمس السابقة . بيد أنني أعتبرهما قد أغفلا إما بصورة متعمدة ،( ولهما أسبابهما الخاصة في مثل هذه الحال ) ، أو بصورة عفوية ( نرى فيها نقصاً لابد من الإشارة إليه ) .
إن الأمر الكبير والهام الذي أغفله البيانان – من وجهة نظرنا – وبغض النظر عن السبب الكامن وراء هذا الإغفال ، إنما هو الدور الأمريكي في هذه ” اللعبة ” الدولية . إذ أنه من الصعب على المرء ، أن يفهم أو أن يقبل ، أن روسيا ستحتل ، أو يمكن أن تحتل ، سوريا عسكرياً ، كما سبق لها أن احتلت قسم من أوكرانيا ، وتبقى أمريكا ساكتة ، تحوقل وتولول وتذرف الدموع دونما حراك ، ولا سيما أن سوريا تقع على البحر الأبيض المتوسط ، الذي لا يفصله عن أوروبا ( حليفة أمريكا ) سوى سمك القرش ، وعن إسرائيل ( صنيعة أمريكا ) سوى هضبة الجولان ، ولاعن آبار نفط الخليج ( عصب الصناعة الغربية) سوى مسافة الطريق .
إن ماأريد أن أشير إليه ، بل وؤأكده هنا ، هو أن أمريكا شريك أساسي في هذه ” اللعبة ” ، ذات الهدف المشترك ، بين روسيا وأمريكا ، ًألا و هو ( الهدف المشترك ): المحافظة على نظام بشار الأسد ، وبالتالي على دوره الوظيفي في حماية إسرائيل ، وعلى متابعة سكوته على احتلالها لهضبة الجولان عام ١٩٦٧م ، والحيلولة دون وصول محمد مرسي آخر إلى السلطة في سوريا ، إذا ماسقط نظام بشار الأسد ، سواء تحت ضربات المعارضة العسكرية أو تحت ضربات الديموقراطية الحقيقية ( صندوق الاقتراع النزيه والشفاف ) .
إن مايبدو لي ممكناً بل وصحيحاً في هذه اللعبة الدولية الكبرى ، هو أن الولايات المتحدة الأمريكية تلعب لعبة مزدوجة مع كل من روسيا وأوروبا ، بحيث يظن كل منهما ( روسيا وأوروبا ) أنها ( أمريكا ) إنما تقف إلى جانبه هو وليس إلى جانب الطرف الآخر . وتظل ” داعش ” تمثل حصان طروادة ، لكافة أطراف هذه اللعبة الدولية ، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا وأوروبا وإسرائيل وإيران وبشار حافظ الأسد ، وبالتالي فإن دورها ( داعش ) سيظل في هذه اللعبة ، مساعدة كافة الأطراف على إخفاء الحقيقة وإطالة مدى هذه اللعبة ماأمكن . وإذا ماتساءل البعض عن الموقف الحقيقي للبيت الأبيض من هذه اللعبة الدموية الحمراء ، فجوابي على ذلك ، هو هذه الحكاية اللغوية ، التي تتعلق بشرح أحد الأئمّة غير الملمين باللغة العربية للآية الكريمة ” والسماء ذات الحبك “ حيث قال للمصلين في شرحه لكلمة ” الحبك ” : هذا شيء صعب لانعرفه لانحن ولا أنتم . وبدوري أقول فيما يتعلق بفهم الموقف الأمريكي من المسألة السورية ، ومن التدخل العسكري الروسي المباشر فيها : هذا شيء صعب لانعرفه لانحن ولا أنتم ، وأضيف وربما لا يعرفه أبو حسين نفسه ، مع احترامي الكامل له ، ومع تحيات أطفال ونساء وشيوخ دوما الذين بدأت صواريخ بوتين تنهال عليهم ، منذ فجر هذا اليوم ( الجمعة الموافق ١٨.٩.٢٠١٥ ) .
اقرأ:
د. محمد الزعبي: الثورة السورية بين بوتين وأوباما
Tags: محرر