Archived: ماذا قال السوريون عن (تيار الغد) بعد مضي نصف عام على تأسيسه؟

 عبد الجليل السعيد: كلنا شركاء

(( إستطلاع رأي هو الأول من نوعه داخل التيارات السياسية السورية المعارضة )) . 

” تيار الغد السوري ” بين الإستعراض السياسي والواقعية السياسية 

دراسة بحثية مختصرة  تعتمد على آراء عينة من الشارع السوري 

مقدمة : 

تحتاج المؤسسات الحزبية والتيارات السياسية عموماً أن تطلع على نظرة المجتمع لها ، ذاك المجتمع الذي تمثله أو تحاول تمثيله في المشهد والمعترك السياسي ، وفي نهاية المطاف تتبلور رؤيتها بشكل مرحلي ، وتفرق بين الغث والسمين في أدائها وعملها

ومن هذا المنطلق شرعت قبل شهرٍ تقريباً بالعمل على دراسة بحثية مختصرة ، تناقش نظرة السوريين لتيار الغد السوري الذي انتسب إليه ، ولقد اعتمدت في دراستي التي بين أيديكم استطلاع آراء مجموعة من السوريين في الداخل الخارج تترواح أعمارهم بين الـ 20 إلى 65 عاماً ، وكلهم ليسوا من منسوبي التيار أو المؤسسين له ، بل احتجتُ إلى شرح ماهية التيار لبعضهم قبل الإجابة على أسئلة البحث ، وفي بعض الأوقات كنت انتظر وصول الرد يومين أو ثلاثة ، ليتسنى لهم الإطلاع والمعرفة بتيار الغد قدر الإستطاعة

وقد توجهت إليهم بعدد من الأسئلة التي تستهدف معرفة ” تيار الغد ” ومواقفه السياسية وأدبياته الثورية وأدائه الوطني على المستوى المحلي والعربي والإقليمي وكذلك الدولي ، وقد قمتُ بإستخلاص أهم النقاط التي تمحورت حولها الأجوبة لأنفذ إلى حقيقة مفادها عدة أسئلة أيضاً :

من نحن بنظرِ السوريين ؟ 

وماذا يريدون منا ؟ 

وما هي ملاحظاتهم الإيجابية والسلبية حيال تيارنا ؟ 

وما هي مقترحاتهم لتطوير العمل ؟ 

ومالذي تحدثوا عنه من انطباع جيد أو سيّء على تيار سوريٍ وليدٍ جديدٍ أتم نصف عام تقريباً منذ تأسيسه في القاهرة مطلع السنة الحالية ؟ 

وقبل أن يشرع القارئ الكريم في الإطلاع على مضمون هذه الدراسة بودّي أن أستدرك بالشرح الموجز عدة مسائل : 

أولا : من المحتمل أن تتضمن إجابات العينة المستهدفة في هذه الدراسة كلاماً واقعياً بصيغة التشكي والتذمر ، لقد حرصت على ترك تلك العبارات على حالها لأن الألم الذي يعتصر قلب كل سوري حر – من وجهة نظرهم – هو عين اليقين في فهم معنى كلمة ثورة 

ثانياً : في بعض الأحيان تم تحويل كلام المجيب من اللهجة العامية إلى اللغة العربية الفصحى مع مراعاة المعنى نفسه بشكل مفصل كي يصح مضمون البحث

ثالثاً : تم التعرض لذكر شخصيات في التيار تلميحاً أو تصريحاً في إطار النقد من قبل البعض أحياناً ، ولكنني قررتُ حذف الإسم لعدة أسباب أذكر لكم منها : أن الحديث ربما تضمن معلومة مغلوطة لا وجود لها أصلاً في كثير من الأحيان وقد حرصت بعد ذلك أن أبين لهم عدم صحة ما ذكروا ، والسبب الثاني هو خشيتي من أن تنعكس طبيعة ذكر الأسماء بشكل سلبي على الدراسة وبالتالي نسفها كلياً وفهم الأمر من قبل الشخص المشار إليه أنه شخصنة للمسائل وتسطيح لكُنهِ البحث     

المحور الأول : نظرة في الإطار العام  

” عاصم ” وهو شاب سوري من ريف إدلب الشمالي يعيش في الداخل قال ما يلي : سمعتُ عن تيار الغد من وسائل التواصل الإجتماعي ، لا أعرف عنه الكثير ، ولكننا في الداخل لا نعيرُ إنتباهاً لتأسيس الأحزاب والتيارات ، يكفينا هذه المنظمات الأجنبية والمحلية التي تتواجد بيننا مدعية العمل الإنساني ، وتفتخر بعلاقتها مع الإئتلاف الذي أكرهه 

وتابع ” عاصم ” حديثه بشكل مختصر قائلاً : يرأس تيار الغد ” أحمد الجربا ” وهو رجلٌ تكرهه ” جبهة النصرة ” كما أعلم . 

أما ” دانيا ” وهي فتاة سورية من دمشق تعمل في تركيا منذ عامين ضمن مؤسسات إعلامية محسوبة على الثورة فقد قالت : المزاج السوري العام لا يرحب بهذه التيارات ، معرفتي بتياركم تقتصر على الهجمة الإعلامية عليه حين أُعلن ، وعلمت أنكم كُنتُم في روسيا منذ فترة ، ماذا قلتم لهم قي موسكو ؟ 

وعند سؤالنا لـ ” عمر ” وهو صاحب بقالية صغيرة في أحد أحياء استنبول منذ عامين أيضاً ومهتم نوعاً ما بالشأن الثوري و ينحدر من محافظة دير الزُّور أجاب بالتالي : أنا لا أفهم بالسياسة ولكن سأرد السؤال بسؤال ، هل تياركم يريد إسقاط نظام الأسد و الدواعش ؟ إذا كانت الإجابة نعم فأعملوا على ذلك بعكس عمل الإئتلاف لأنه فاشل 

ونكتفي في هذا المحور من الدراسة والبحث بكلام ” هدى ” وهي طبيبة سورية تعيش في ألمانيا منذ عامين تقريباً و تنحدر من محافظة حماه حيث أنها على إطلاع شبه مجمل بالتيار وقد قالت : ربما بحثت قليلاً قبل الجواب عن ماهية تياركم ولكن بوسعي أن أقول أن عملكم من مصر عنصر إيجابي ، يجب أن يكون السوريين على علاقة جيدة بكل محيطهم العربي المؤيد لتغيير النظام ، أنا من مدينة تحسب على جماعة الإخوان المسلمين وهي ” حماه ” ومن أسرة عمل بعض أبناءها في حزب الإخوان ، ولكنني أكره أسلوبهم وعملهم في الثورة لأنهم إنتهازيون ويتاجرون بالدِّين وقد أفسدوا مؤسسات المعارضة كما أفسد الأسدين الأب والإبن الشعب السوري على بعضه البعض ، إن تياركم جديد ولكن من الممكن أن يركز على جيل الشباب ، نعم اقتربوا من الشباب في الداخل والخارج لأنهم عماد التغيير والرحيل لكل مجرم في سوريا ، الشباب من الجنسين الذكر والأنثى ، ونصيحتي لكم إذا كُنتُم تريدون أن تصنعوا الغد السوري ، أو تصبحوا منه لا ترفعوا سقف عملكم ومطالبكم ثم تخفضونه وتعملون ضده ، تصالحوا مع ذاتكم واعرفوا أن البلد تذهب إلى المجهول في الوقت الراهن 

المحور الثاني : الغد و السوريين ” تحدي المستقبل و آمال الحاضر ” 

” عبير ” شابة سورية من حلب تعيش في مناطق النظام أجابت على سؤال الدراسة حول مطالب السوريين من تيار الغد بمايلي : غالب السوريين يريدون التغيير منذ اليوم الأول ، الناس تخاف وإزداد خوفها من النظام بسبب إهمال الدول العظمى لمطالبها ، بسطاء الناس يقولون : أمريكا لا تريد تغيير النظام وروسيا معه ، والدول الأخرى تكذب علينا ، ونحن عاجزون عن مواجهة النظام حتى تقع معجزة ، مطلبي هو أن تبحثوا عن هذه المعجزة بكسر حاجز الخوف لدى الناس مجدداً ، الثورة كسرت حاجز الخوف تجاه النظام ، ولكن الخوف موجود على المستقبل والأولاد وظروف العيش والغد المظلم ، أنا أدرس الهندسة في جامعة حكومية ، لا أعتقد أنني تنازلت يوماً عن مطلب التغيير في قلبي ولكن أجزم بأن الدول كلها لن تساعدني على إكمال دراستي الجامعية إذا هربت من سوريا الآن

أما ” عبدالله ” وهو طالب ترجمة وحاصل على منحة دراسية تركية وهو من محافظة حمص ، فقد أجاب في المقلب الآخر وبشكل مختصر : مطلبي من تياركم واحد ، هل لديكم القدرة على إقناع المجتمع الدولي بأن يُسقط الأسد ويزيل داعش ، هذا مطلبي الوحيد ، كيف ذلك وما هي الطريقة ؟ الجواب لديكم وفي عملكم 

وبالإنتقال إلى ” زاهر ” وهو موظف حكومي سابق في قطاع الإتصالات وقد انتقل للعيش مع أسرته في هولندا منذ عام ونصف تقريباً و ينحدر أصله من محافظة ريف دمشق وقد رد على سؤال المحور بالآتي : لقد عايشت نظامي الأسد الأب والإبن وعملتُ موظفاً قرابة ٢٥ سنة و مطالبي كثيرة من تياركم ولكن ألخصها بطلب سوريالي ربما ، ازرعوا الحب بين السوريين ، لغة الحقد تنمو بين مؤيدي الثورة فضلاً عن معارضيها ، حال السوريين في أوربا هو مرآة حقيقية لتأخر النصر علينا ، إذا كان بمقدوركم زرع الحب بين الناس فأنتم تيار وطني سوري بحق وإلا فلا ، لقد سمعت عن زعيم تياركم الكثير حين كنت في سوريا ولبنان وتركيا وها أنا في أوربا ، وقد أحببتُ كلامه حين خطب في جنيف أمام الدول وأشعر أنه شخص صادق ولا أعرف من يعاونه في عمله الحالي ولكن أتمنى أن يكونوا صادقين مثله على الأقل وبحسب وجهة نظري 

ونختم هذا المحور مع ” محمد ” وهو لاجئ سوري من ريف اللاذقية ، يقيم مع أولاده وزوجته المريضة في طرابلس لبنان منذ أشهر ، لقد تحدث في البداية عن ظروفه السيئة ومدى ابتعاد سؤال دراستنا عن واقعه لكنه عبر كلماته التي حولناها إلى فصيح اللغة العربية قال لنا : تيار الغد السوري ، اسمٌ جميل ، لكن أكيد أن من فيه همهم الحاضر و مصالحهم ، وطلبت منه أن يحسّن الظن وأن يتكلم عن مطلبه كسوري من التيار فتابع قائلاً : لا أحب السياسة ولا السياسيين كلهم ….. إلى آخره ، مطلبي الذي تسألني عنه هو أن يصل تياركم إلينا وينظر إلى حالنا ، الكل يتاجر بِنَا كسوريين ، صرنا بضاعة رائجة وتجارة رابحة ، والأسد مبسوط ، لا أعلم إذا كُنتُم تظنون أنني متشائم ولكن هذا الواقع ، لاأريد الغد ، أريد حاضراً كريماً فقط ، هذا مطلبي   

المحور الثالث : الواقعية السياسية و تيار الغد  

في هذا المحور حاولت جاهداً أن استطلع آراء العينة التي يستهدفها البحث عبر ثلاثة أمور : 

أولها : سعة الإطلاع السياسي والمعرفة التي يتمتع بها هؤلاء 

ثانيها : إعلامهم مسبقاً بما قام ويقوم به تيار الغد سياسياً 

ثالثاً : توظيف المنحى العام للأسئلة حول المُتاح عمله أو تركه فيما يخص الشأن السوري 

” وائل ” وهو شاب سوري من ريف الرقة الشمالي ويقيم في تركيا منذ ثلاثة أعوام وهو خريج علوم سياسية قال لنا : قرأت أدبيات تياركم بشكل عام وتابعت مواقفه وعملها و شدني في الإطلاع عليه عدة أمور إيجابية وسلبية ، فالمناخ العام لسردية النقد يتعلق من وجهة نظري بضعف تسويق الخطاب السياسي إعلامياً ، وعدمية الإتيان بكل ماهو جديد ، تياركم جزء من المعارضة السورية بلا شك ، ولكنه يزعم امتلاكه علاقات عربية وإقليمية ودولية جيدة ، لكن لم يصلني إلا زيارة رسمية يتيمة إلى موسكو قبل فترة ، دون وجود بيان شافي ووافي للرأي العام حول ما قمتم به ، وعلى الصعيد الإقليمي رأيت أن رئيس التيار أحمد الجربا يتمتع بعلاقات ودية سياسية دافئة مع حكومة إقليم كردستان العراق ، لكن تعاطيكم مع المسالة الكردية السورية داخلياً خجول وغير ملموس ، يجب أن تتبلور رؤيتكم بشكل سياسي مهني أكثر فعالية ووضوح وضمن خطوات مدروسة وجادة ، وأهل الإختصاص لديكم أدرى ربما 

” هند ” سيدة سورية تنشط في الأردن منذ عامين في مجال العمل السياسي وهي من محافظة درعا وقد تم ترشيحها يوماً لتكون عضو إئتلاف أجابت على أسئلة هذا المحور بما يلي : القراءة السياسية السريعة لدي نحو تيار الغد تَخَلَّق تصوراً منطقياً لمجموعة سوريين يبحثون عن دور ما يقدمونه للثورة السورية ، هناك أسماء معروفة لربما في تياركم وأخرى لا ، ولكن الأهم في الموضوع أنكم تنشطون دونما تنظيم وتسيرون على خطى غيركم من التيارات والأحزاب التي تأسست خلال سنين الثورة ، ولربما تصبحون نسياً منسياً لدى المواطن السوري البسيط إذا بقيت منهجيتكم السياسية كذلك ، على سبيل المثال لا الحصر علمتُ أن مكتبكم السياسي وهو الهيئة القيادية في التيار يضم في عضويته سيدة سورية وهذا أمر جيد ، ولكن أين هي لجان المرأة في تياركم ؟ هل يوجد عمل سياسي نسائي يخدم مشروعكم الوطني الذي تعلنونه ؟ 

” جمانة ” ناشطة سياسية سورية في السويد منذ عامين تقريباً وقد شاركت في أنشطة جنيف التفاوضية وهي من محافظة الحسكة ” القامشلي ” قالت لنا : سأختصر ولن أطيل وسأدخل في صلب الموضوع السياسي ، هناك رؤية سياسية متناقضة لديكم حيال العملية السياسية السورية التي يحاول المجتمع الدولي فرضها في سوريا عبر الأمم المتحدة ، قرأت تارة هجوماً من قبل قياداتكم على مسار جنيف ، ومرة أخرى وجدت مديحاً أو لربما ثناءً مبطناً ، بالمحصلة ومن وجهة نظري هناك تخبط واضح للعيان إعلامياً ، وأنا على على علم بأن زعيم تياركم هو عضو في هيئة المفاوضات ، ولكنه غير فعّال أو حاضر في محافل العمل التفاوضي ، وأنتم تدعمون لجنة القاهرة التي أتت إلى جنيف وقد رأيت بعض أعضائها ووجدت أنهم يتبنون خطاً مختلفاً عن خطكم السياسي أحياناً ، هذا اللبس في المواقف يحتاج مراجعة أو مواجهة سياسية لمفردات الأزمة الحاصلة 

” مراد ” وهو خريج قانون دولي ويعمل في الشأن السياسي السوري التركماني في سوريا ، ويقيم في جنوب تركيا بالقرب من ريف اللاذقية المحرر قال لنا : الواقعية السياسية سلاح ذو حدين ، ربما يفهمها الخصم أحياناً انبطاحاً مفرحاً ، والشارع السوري يجدها تنازلاً مجانياً ، لكن بمقدور تياركم أن يتبناها لأنو يتقن مفرداتها بحسب تراكم الخبرة لدى قياداتكم ، وميزة انطلاقته من مصر ، لكن بالمجمل لن تنجح الواقعية السياسية في مقاربة الحل السوري إلا إذا اعتمدتم على شيئين أساسيين ، أولاً : عدم التفريط بالحقوق المشروعة للسوريين الساعين لتغيير النظام وأنتم جزءٌ منهم ، ثانياً : التعاطي بإيجابية مع مسألة تدوير الزوايا سياسياً إذا كان هناك من يسمع لكم من الدول أو يثق بكم ويتبنى بعض مواقفكم بعيداً عن الخطابات الرنانة والتصريحات الجوفاء لأن الواقعية السياسية منهج تصالح مع الذات وليست غير ذلك ولن تكون ونحن اليوم بحاجة لها 

” سعاد ” سيدة سورية تقيم في الإمارات منذ سنين وهي من محافظة دمشق وتعمل في مركز دراسات معروف هناك وهي ابنة لسفير سوري سابق ردت علينا بما يلي : مهمة أي تيار سياسي سوري يتأسس في زمن الحرب صعبة بل مستحيلة أحياناً في المزج بين النظرة التحررية الثورية التي آمن بها السواد الأعظم من الشعب السوري اليوم و الأداء السياسي الروتيني المتمترس خلف أدبيات أحزاب قديمة وعريقة بآن معاً ولكن خطابها الموروث أثبت فشلاً ذريعاً بسبب براغماتية القائمين عليه ، لا تركضوا وراء العدد و كثرة الجماهير لأنه من الإستحالة بمكان تحقيقها في زمن الحرب والمآسي ، ولايكمن نجاح تياركم بأن تكونوا نخبويين منفصلين عن الواقع ، من المؤكد أن بمقدوركم أن تجدوا مكاناً لكم ومكانة سياسية مرموقة إذا قدمتم العمل على القول و بنيتم استراتيجية المراجعة لا التراجع إذا لزم الأمر ، هذا كل ما لدي الآن بصراحة

ولأن هذا المحور مهم وهو عنصر رئيسي في هذه الدراسة فقد حرصنا على ذكر كل ماقالته العينة المستهدفة ، لنختم مع ” مروان ” وهو سياسي سوري سابق ومؤيد للثورة وهو بعيد عّن العمل السياسي حالياً ومقيم في أوربا الشرقية وهو من محافظة دمشق وقد كتب لنا نصاً ما يلي : تيار الغد السوري بحاجة إلى تعبيد طريق الواقعية السياسية وليس المشي عليه فقط ، حالة الإستعراض والأنا المتضخمة ديدن الكثيرين للأسف ، ودوافع هذه الواقعية تتطلب مجهوداً جماعياً جباراً يبدأ بالكلمة ولا ينتهي عند حدود سقوط النظام فقط ، لأن أي سوري يؤمن بالحل السياسي يرى سوريتنا مقبلة على المجهول ، لقد تابعت كلمة زعيم تيار الغد أحمد الجربا في حفل التأسيس ، وقد توقفت عند نقاط كثيرة إيجابية ذكرها وتصلح أن تكون خطة عمل متكاملة ، ولكن بالمقابل لم أجد أدنى ترجمة واقعية لها من قبل التيار ، هذه وجهة نظري بحسب ما أتيح لي الإطلاع عليه ، تيار الغد جسم سياسي ناشئ وربما تقولون لي : إن عمر تجربتنا الحزبية قصير وهذا هو السبب ، سأقول لكم : جوابكم مقنع لي ولكن ليس لكم ، إمكانية التوعية السياسية مطلوبة ، وخطوات العمل الواضحة ، والتواصل مع الدول أمرٌ مهم ولكن ضمن فقرة مهمة ألا وهي : سلم الأولويات المفروض علينا صعوده خطوةً بخطوة ، إضافة إلى بعض الهوامش التي تُودجدها متطلبات المرحلة 

المحور الرابع : الغد الممنوع على السوريين    

من الطبيعي وفي ظل انسداد الأفق السياسي السوري للحل أن تكون النظرة التشاؤمية هي السمة الغالبة على كثير من السوريين الذين استطلعنا آرائهم ، ولكن بالمقابل حاولنا أن نوظف حالة من التفاؤل بالمستقبل كي تتضح الصورة أكثر وطالبناهم عبر أسئلة الدراسة أن يقدموا حلولاً و أن لا يكتفوا بلعن الواقع ، إنما المساهمة في تغييره نحو غد سوري أفضل كما هو اسم تيارنا 

نبدأ بـ” أحمد ” وهو محامي سوري يقيم في مدينة إدلب حالياً وهو مطلع بشكل يومي بحكم إقامته على عذابات الناس – كما وصف نفسه – قال في معرض إجاباته : الغد الأفضل ممنوع على السوريين ، الحياة الكريمة ممنوعة ، سقوط النظام ممنوع ، محاربة الإرهاب مسموح بها ضمن معايير استمرار الصراع فقط ، نحن في سوريا نشهد حرب العالم بأسره على أرضنا ولكن بوجوه أفراد وجماعات ترفع شعار الدين والوطنية والتحرير ، أنا شخصياً لم تختلف علي تفاصيل الخطوط الحمر ، كنت أفزع من استدعاء الأمن أيام النظام ، وها أنا اليوم أخشى على نفسي من تقارير وملاحظات المسؤول الأمني في جبهة النصرة ، هذا المسؤول أو العاملون معه للأسف سوريين في غالب الأحيان ، يغرسون فيا خوفاً اعتدت عليه ضمن جرعات الإنتطار ، والطيران الحربي الذي برعتُ مع أولادي بتحديد هوية مصدره هو هاجس رعب يومي لا يدركه من لم يراه ، أو يرى نتائج قصفه في الميدان ، مساهمتي في تحقيق الغد الممنوع عنا ، هي دعم أخي الذي يعمل في الدفاع المدني ، لأن هذا العمل  مقدس على  الرغم من بساطة إمكانيات المتواجدين به وشحِ الدعم إلا أنه عمل أشخاص ” قديسين ” بكل معنى الكلمة ، فهم يمنعون وصول الموت إلى ضحايا الأنقاض ، و يستبسلون في جعل أطفالنا الذين لا حول لهم ولا قوة حين تدمر البيوت على رؤوس ساكنيها أن يخرجوا من ركام الموت المحتوم لإسشراف غد أفضل ، هل سمعتم بهولاء الرجال ؟ ساهموا بدعمهم ، إنهم متطوعون من أجل بقاء السوري على قيد الحياة إذا قرر الأسد حجز موعدٍ له مع عزرائيل

” عثمان ” معتقل سوري سابق يقيم في مخيمات اللجوء السورية في تركيا وهو من محافظة دير الزُّور ، وعمله السابق هو مدرس مرحلة ابتدائية وقد رد علينا بالآتي : طلبت مني أن لا أكون متشائماً وأن أُسهم في الحل ، سأقول لك كلمة واحدة فقط : أريد أن تساعدني في مغادرة خيمتي هذه نحو سوريا سريعاً ، ولكن على أمل الأفضل ، وبعد ذلك ستجدني جندياً في جيش الغد الأفضل الذي مُنع عني كسوري ، ومُنع عّن أطفالي وأهلي 

” فاطمة ” شابة سورية أتمت العشرين – كما تقول – وقد فقدت قدميها نتيجة القصف الأسدي وتقيم مع أسرتها في البقاع اللبناني وهي من محافظة حمص قالت لنا : الغد الذي يُطلب مني إيجاده هو البحث عن أملٍ لمن فقد الأمل ، أن تكون مشروع إنسان ميت وأنت في بداية عمرك بسبب مجرم قاتل ، فتلك مصيبة لا يستطيع تياركم أن يزيلها من قاموس حياتي إلا برؤية بشار الأسد مشنوقا في ساحات دمشق ، الغد السوري الأفضل هو موت بشار ، هذا شيء لا أستطيع المساهمة به إلا من خلال نشر جرائم بشار و أعوانه على الفيسبوك يومياً كي يعرف أي إنسان في العالم حالنا مع هذا النظام 

أما ” زياد ” وهو عنصر في الجيش الحر من مدينة مارع و كان قبل الثورة طالب إقتصاد وتجارة  في جامعة حلب فقد قال لنا : الغد السوري كلمة نحلم بها دون هذا النظام و داعش ، والمساهمة المطلوبة من تياركم وقد حمل هذا الإسم أن يسعى لدعم الجيش الحر ، لأنه بيضة القبان في هذا الصراع وسفينة النجاة للخلاص من الأسد وكل الفصائل المتشددة ، سمعت أن لكم جناحاً عسكرياً تدعمونه ويتبع للجيش الحر ، والسؤال لماذا لا يكون له امتداد في كل أراضي سوريا ، أنا شخصياً احترم أحمد الجربا وقد إلتقيت به حين كان رئيساً للإئتلاف وأنت على يقين بأنه يحب الجيش الحر ، ولكنه للأسف وثق ببعض الأسماء البراقة في تلك المرحلة والمحسوبة على الجيش الحر ولم يلتصق بالقيادات الحقيقية وتلك الأسماء تساقطت و لم نعد نسمع بها اليوم ، غدنا كسوريين مرتبط بهذا الجيش الحر 

خاتمة وخلاصة : 

لا يستطيع الفرد أن يفرض على الجماعة وجهة نظره ، ولكن بدون أدنى شك أن ما ورد في آراء تلك العينة من السوريين يستحق القراءة والتمحيص ، لأن جلهم إن لم أقل كلهم كانوا إيجابيين في نقدهم وملاحظاتهم ، ولا جرم أن ما يدعوننا إليه هؤلاء منطقي وواقعي في كثير من تفاصيله

وأريد أن أنوه ختاماً إلى أن عدد الأشخاص المستطلعين في هذا البحث بلغ 18 شخصاً ، وحاولت أن أراعي الإنتشار الجغرافي والمناطقي بقدر التنوع الثقافي والمعرفي والخبرة المتراكمة لدى بعضهم ، إن أحسنت فيما قدمت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي

والجدير ذكره في خلاصة هذا البحث أن تعلق كل فردٍ بِنَا وإيمانه بالتيار ومبادئه لربما يدفعه في خدمة مشروعه بطريقة مختلفة عن الآخر ، ونحن بحاجة إلى كل دراسة وبحث واقعي مهني يساعد التيار وقياداته على تقويم العمل وتصحيح الأخطاء ومضاعفة الجهود ، ولقد أثبتت التجربة السياسية في زمن الثورة أن خطأ الإئتلاف القاتل ومن قبله المجلس الوطني تمثل بفرحهم أنهم الممثل الوحيد للشعب السوري ، ونسوا أنهم أمام مسؤولية وليس ميزة وأفضلية

تيار الغد السوري كما أعلم وأدرك لا يحتكر تمثيل الشعب ، بل لا نزعم فيه الجماهيرية المطلقة ، ونحن نسعى إلى أن نكون بوابة الغد السوري الأمثل والأجمل والأفضل ، بالجد والإجتهاد على جميع المستويات . 

عبدالجليل السعيد 

عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري 

إستنبول 8/7/2016





Tags: محرر