on
أنقذ ضحايا الكيماوي فأصبح منهم… بشار ددو: حكاية إرادة وعزيمة في العمل الإنساني
زيد العمر: كلنا شركاء
يومٌ بعد آخر، تظهر قصص الذين ضحوا بحياتهم لينقذوا حياة الآخرين، فمن شابٍ فقد طرفاً من أطرافه وآخر رمته إصابته طريح الفراش بعد أن دفعه إقدامه للمخاطرة بحياته تحت براميل الموت لينقذ طفلاً أو شيخاً أو امرأةً علقوا تحت الأنقاض ولم يجدوا من يخرجهم سوى ذاك الشاب الذي آثر بحياته في أغلب الأحيان ليمنع صرخات الألم المنطلقة من تحت الركام ويعيد الابتسامة إلى وجوه عانت دقائق وربما ساعات تحت الأنقاض.
عُرف عنهم إيثارهم، اتخذوا شعارهم “ومن أحياها فكأنَّما أحيا الناس جميعاً”، هم أفراد الدفاع المدني أو ما يعرفون باسم “أصحاب القبعات البيضاء”، سخّروا حياتهم وأغلى ما يملكون في طريق العمل الإنساني، فبعد أن كتبنا عن الشهيد منهم، وعن الذي فقد طرفاً من أطرافه، تظهر لنا اليوم قصة شاب أصيب أكثر من مرة ولا زال مصراً على ممارسة عمله النبيل.
“بشار ددو”، أحد متطوعي الدفاع المدني السوري في مركز خان شيخون، ذو الـ 24 عاماً كان يعمل في مجال البناء قبل أن يدفعه حبه للعمل الإنساني إلى أن يرتدي الخوذة البيضاء ويسخّر حياته في إنقاذ حياة المدنيين، لم تمنعه إصاباته المتكررة من مزاولة مهنته الإنسانية، بل زادته إصراراً وعاد ليقف على أقدامه من جديد.
يتحدث “بشار” لـ “كلنا شركاء” أنه انضم إلى صفوف الدفاع المدني نهاية عام 2013 أي في بداية تشكيله، حينها دفعه حبّه للعمل الإنساني إلى أن يكون من أوائل الذين بدؤوا ممارسة هذا العمل، حيث يقوم الدفاع المدني بإخضاع المنضمين حديثاً إلى صفوفه إلى دورات تدريبية يعلمهم فيها كيفية التصرف مع المصابين وطريقة حملهم وإخراجهم من تحت الأنقاض بطريقة طبية تضمن سلامتهم.
تابع “ددو” حديثه أنه تعرّض للإصابة أوّل مرّة ببرميلٍ متفجرٍ في السّاعة الثّامنة صباحاً بعد أن ألقت المروحية البرميل الأول، هرعوا إلى إسعاف المصابين لتعود وتلقي البرميل الثاني ليصيبه عدّة إصابات برأسه ويده أدّت إلى قطع أعصاب حسيّة وحركيّة بيده، مما جعله طريح الفراش لمدة خمسة أشهر، تلقّى خلالها العلاج الفيزيائي ليعود لممارسة عمله من جديد.
وأضاف “ددو” أن إصابته الثانية وقعت خلال مجزرة الكيماوي حيث نفّذ الطيران الحربي هجوم بالغازات السامة الذي استهدف الحي الشمالي لمدينة خان شيخون بتاريخ الرابع من نيسان/أبريل الماضي، فما إن بدأ بالتماثل للشفاء حتى هرع من جديد لينقذ المدنيين بعد تنفيذ الهجوم، ليتفاجأ بوجود جثث مدنيين بلا دماء حيث نقل ما استطاع نقله من المصابين بسيارته إلى المستشفى ليشعر بعد أن ابتعد قليلاً بحالةٍ من النعاس وشلل في الأعصاب ولم يعد قادراً على الحركة والرؤية، ليصحوا في المستشفى بعد 12 ساعة وأول ما ينطق به اسم ولده عمار بعد أن انتابته حالة من الخوف ألا يعود ويقبله ويودّعه مثل كل يوم عند ذهابه إلى المركز.
ونوّه “أحمد شيخو” إعلامي الدفاع المدني في إدلب أن “بشار” يعرف بتفانيه وإخلاصه في عمله الإنساني، وسرعة اندفاعه مع زملائه بعد كل غارة جوية، وتابع أن معظم المتطوعين في الدفاع المدني أصيبوا أثناء مشاركتهم بإسعاف المصابين في مجزرة الكيماوي في خان شيخون.