on
Archived: بهنان يامين: وماذا بعد رحيل الروس؟
بهنان يامين: كلنا شركاء
اليوم، كان الرابع عشر من أذار السوري بامتياز، فبالاضافة الى احتفالات القوى الوطنية بالذكرى الخامسة للثورة السورية، فؤجئ العالم كله بقرار الرئيس الروسي بسحب قواته المعتدية من سورية، وعلى حد زعمه بأن مهمتها قد انتهت، وانه ابلغ طاغية دمشق بهذا الانسحاب. ولم يكتمل النهار الا وكان خبر إقرار مجلس النواب الامريكي القرار رقم 121، حول دعوة الادارة التنفيذية الامريكية، أي ادارة الرئيس اوباما، باقرار خطط لحماية المدنيين في سورية، اضافة الى الدعوة الى احالة جزار دمشق الى المحكمة الجنائية الدولية، بسب جرائمه بحق الشعب التي صنفت حسب الدوائر القانونية في الامم المتحدة بجرائم حرب.
القرار الامريكي ليس غريباً وكان متوقعاً، نتيجة وجود العديد من اعضاء الكونغرس الامريكي، داعمين لهذا القرار، ورغم ان هذا القرار غير ملزم للادارة الامريكية، كونه ليس قانوناً، ولكنه يرتدي اهمية كبيرة كون أحد فروع السلطة التشريعية قد أقر ذلك، وهو دعم معنوي لنضال الشعب السوري، ضد التسلط والاستبداد وفساد السلطة.
الحدث المتميز كان الانسحاب الروسي، فلقد جاء بلا مقدمات ولا مؤشرات، حتى ان الرئيس بوتين، لم يخبر حتى الادارة الامريكية، بهذا القرار المفاجئ، لم يكلف السيد بوتين نفسه ان يتشاور مع مِن مَن يفترض بأنه حليفه، وبكل برودته الكيجيبية، رفع سماعة الهاتف ليبلغ طاغية قاسيون بقرار الانسحاب هذا. ولم يمر القرار عبر القنوات الدبلوماسية، بل باجتماعات روسية على اعلى المستويات، ولو كان رئيس الدبلوماسية السورية الاخرق، قد سمع بهذا القرار، لما تشدق بما تشدق به قبل ايام، ضد المندوب الدولي ستيفان ديمستورا، ورفضه السلطة الانتقالية، التي اقرتها القرارات الدولية وخاصة جنيف واحد، التي تنص على رحيل الاسد عن السلطة في سورية، ولكن الشعب السوري هو من سيقرر مصير الطاغية، بتقديمه ليس الى المحكمة الدولية، لان هذه المحكمة لا اعدام فيها، بل الى محكمة الثورة، والذي لن يكون مصيره بافضل من مصير زملائه من الطغاة.
ولكن لماذا رحل الروس وبهذه الطريقة السريعة والمفاجأة؟ واذا كانوا سيخرجوا بهذه السرعة، فلماذا دخلوا وارغوا ازبدوا؟
بالطبع، والى ان تتكشف حقيقة هذا الاحتلال القصير، فهناك بعض الاجابات الاولية على هذه الاسئلة، التي قد تقنع البعض ولا تقنع البعض الآخر.
اولاً: جاء الروس الى سورية، وكانوا يعتقدون بأن تواجدهم سيكون نزهة لعسكرهم، وقد يكونوا صادقين عندما قالوا اربعة أشهر، من أجل كسر شوكة المعارضة المسلحة، عن طريق قصفهم اليومي لهذه القوى، مما يفسح المجال على قوى التحالفات الشيطانية، (النظام- حزب الله اللبناني- الميليشيات الشيعوية العراقية- الحرس الثوري الايراني وتوابعه من افغان وباكستان)، ان تكمل على الارض انهاء قوى المعارضة. ولكن ظنهم قد خاب، فلقد كانت القوى على الارض، اضعف من ان تكمل ما رسمه لهم الروس من أجل اعادة سيطرة الطاغية على مجمل الاراضي السورية، حتى ان تحالفهم مع قوات صالح مسلم لم تنفعهم، فكان صمود المقاومة المسلحة السورية عاملاً هاماً في اتخاذ قرار الانسحاب، لانه يبدوا ان الروس ليسوا على استعداد ان يكون لهم دور في القتال الارضي، نتيجة تجربتهم الافغانية المذلة.
ثانياً: الحرب مكلفة، فكل طلعة من طلعات الطيران، تكلف الخزينة الروسية، ملايين الدولارات، وهي كانت تتكاثر يوماً بعد يوم، ومن المؤكد بأن الاقتصاد الروسي المتعب من التدخلات المتعددة التي ورط بوتين الشعب الروسي بها، وكان آخرها المستنقع السوري، لن يستطيع ان يتحمل وزر هذه الحرب. ليست هذه الكلفة هي فقط ما اتعب الاقتصاد الروسي، بل ايضاً انخفاض اسعار النفط، وهي الحرب الذي لم يحسب لها السيد بوتين حساب، فكان سعر النفط يتراجع بشكل يومي، حتى وصل الى ما دون الثلاثين دولاراً للبرميل الواحد. إضافة الى ذلك حربه الاقتصادية ضد الدولة التركية، التي في الميزان التجاري قد خَسرت الاقتصاد الروسي ملايين الدولارات، اضافة الى ارتفاع اسعار السلع الغذائية التي كانت تستورد من تركية، أضف الى تهديد تركية بالتفتيش عن بديل للغاز الروسي، الذي بالاصل، كانت الخزينة الروسية قد خسرت الكثير من موارده بسب تدخل روسية في أوكرانيا.
ثالثاً: انكشاف القوة العسكرية الروسية للامريكيين والغرب، فاستعمال القوات الروسية، المعتدية في سورية، اسلحة جديدة لم تستعمل من قبل، سواء الطائرات المقاتلة او نوعية الذخيرة المستعملة، كشف قوة وضعف هذه الاسلحة، اضافة الى القوة الصاروخية الـ S400، التي اخرجت من مستودعاتها، ولتنشر لاول مرة خارج روسية، قد تعرضت للانكشاف، وقد تكون القيادة العسكرية الروسية قد اكتشفت الخطأ الكبير الذي ارتكبته، في قتالها الشعب السوري، بكشفه هذه القوى العسكرية دون ان يكسب الا عداء الشعب السوري.
رابعاً: فشله في تسويق المعارضة المؤيدة له، سواء المعارضة المناعية، نسبة الى هيثم المناع، او بقايا الاحزاب الشيوعية، متمثلة بمجوعة قدري جميل، وكانت ثالثة الاثافي معارضة حميميم، حيث تلقطت الاجهزة الامنية بعض ضعاف النفوس لتشكل منهم مجموعة تجتمع تحت الحماية الروسية في القاعدة الروسية الجديدة حميميم. هذا الفشل إضعف الموقف الروسي في جنيف، خاصة ان النظام هدد بأنه لن يبقى الا 24 ساعة حسب الاخرق، وليد المعلم.
وماذا بعد الروس يا بشار الاسد، بمن ستسنجد لينقذك من عقاب الشعب السوري، ومن رحيلك عن السلطة؟ اعتقد كما اعتقد الدكتور حازم النهار، لم يبقى لك الا كوريا الشمالية ومهرجها كم ايل أون، فبالتأكيد لن تتدخل الصين في سورية بعد الفشل الروسي. مع الحليف الكوري الشمالي بقي للاسد ان يستنجد بحليفه وحليف والده، لاكثر من اربعين عاماً، العدو الاسرائيلي.
اما ما نقول له، مع تظاهرات الشعب السوري البطل، التي اعادة الى الثورة سلميتها، فبعد رحيل الروس لم يبقى لك الى الرحيل عن سلطة لم يوصلك اليها الشعب.
Tags: مميز