on
جواد الصايغ: أسرار من سيرة الرجل اللبناني الذي وثق به ترامب
كلنا شركاء: جواد الصايغ- ام تي في
صباح التاسع من تشرين الثاني 2016، طوت الولايات المتحدة الأميركية صفحة انتخاباتها الرئاسية المثيرة، معلنة وصول المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، إلى البيت الابيض.
ترامب الذي شغل العالم بأسره طيلة فترة الانتخابات التمهيدية والعامة، لم يسرق وحده الاضواء بعد فوزه، فأخبار مستشاره لشؤون السياسة الخارجية، وليد فارس، ملأت الصحف والمواقع والتلفزيونات، وازدحمت محركات البحث على مواقع التواصل الإجتماعي بإسمه، قبل ان تنجح اسماء مسؤولي ترامب الجدد، ستيف بانون ومايكل فلين، ومايك بومبيو، وجيف سيسن في انتزاع الصدارة الاعلامية.
مستشار ترامب العربي حديث الساعة
البروفيسور الجامعي، بات حديث الصحافة الغربية والعربية، سريعا استخرج أخصامه تحقيقا سابقا اجرته عنه مجلة (Mother Jones) المعروفة بيساريتها وتأييدها للاتفاق مع ايران، عام 2011 بمناسبة توليه منصب مستشار الأمن القومي للمرشح الجمهوري السابق ميت رومني، ويتضمن اتهامات كثيرة للرجل وجهت إليه عندما لم يكن قد بلغ سن العشرين ابان وجوده في لبنان.
مستشار ومثقِف بعمر الـ 22 عاما
حمّل التقرير الذي نُشر في 2011 فارس، ابن العشرين عاما آنذاك، بغرابة أدوارا من المستحيل ربما على شخص في هذا العمر لعبها، مثل توليه موقعا استشاريا، إلى التوجيه والأدلجة ثم هجرته الى الولايات المتحدة الاميركية، واتهامه بالترويج للاسلاموفوبيا في بلاد العم سام.
السياسي اللبناني توفيق الهندي ينفي ان يكون فارس قد شغل يوما منصب مستشار قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، يقول،” كيف كان فارس في هذا المنصب وأنا وحدي من شغل منصب مستشار جعجع”، ويضيف “ايضا لم يكن فارس يوما في حزب الكتائب. في تلك الفترة كان كل مسيحي يقال انه كتائبي لمجرد انه يعارض منظمة التحرير الفلسطينية او الاحتلال السوري، وعندما أسس فارس حزبه الصغير تعرض للقمع في الكثير من الفترات من قبل الاحزاب المهيمنة”
ولكن ماذا عن علاقة فارس بحراس الارز الذي تزعمه انذاك اتيان صقر؟
يلفت الهندي في مقابلة له مع مجلة (Family Security Matters) “إلى عدم وجود اي علاقة كما ان فكر وعقيدة حزب حراس الارز الذي يقوده السيد صقر يتناقض كليا مع فكر فارس وحزبه الداعي الى التعددية في لبنان”.
يقول توفيق الهندي، المستشار السابق لسمير جعجع، “ان الافتراضات غير الصحيحة التي ترسم حول فارس اما تصدر عن جهات لا تمتلك الحد الادنى من المعرفة حول تاريخ لبنان وسياساته، او عن جهة تحاول عن قصد تشويه شخصية عامة في السياسة الاميركية حاليا”.
ويتابع “فارس نشر اول كتاب له عندما كان طالبا، ونادى دوما بالتعدد داخل البلاد، وتركزت نظريته على ان انهاء الحرب يقوم على ضرورة الاعتراف المتبادل بين المجتمعات وقيام الاتحادات في لبنان وقدم محاضرات بهذا الخصوص في المجتمعات المحلية والمؤسسات بما فيها تلك التابعة للقوات اللبنانية وكان يعرب عن رفضه للوجود السوري في لبنان”.
ويضيف “بين عامي 1982 و1983، كان فارس أحد منتقدي سياسات الحكومة ودعا إلى معارضة سياسية في المناطق المسيحية. وتعرض لضغوط من اجل الكف عن الاستمرار في هذه المعارضة، ثم قام بتشكيل الحزب الاجتماعي الديمقراطي”.
مقارنة افتراضية
يعتبر بعض عارفي فارس “ان هذه الحملة الممنهجة ضد فارس من قبل الاعلام الايراني والاخواني والهادفة الى منعه من امتلاك تأثير او مشاركة في صنع القرار الجديد بالادارة الاميركية قد تشبه وعلى سبيل الافتراض قيام الالات الدعائية للاتحاد السوفياتي مثلا بتشويه تاريخ هنري كسينجر الذي ولد وترعرع في المانيا ثم قدم الى اميركا واصبح وزيرا للخارجية، او زبنغيو بريجنسكي مستشار الامن القومي في السبعينيات والثمانينات من اجل منعهم من الوصول الى المواقع التي شغلوها”.
في عام ١٩٧٩ اصدر فارس كتابه الاول “التعددية في لبنان والعالم”، كما كتب العديد من المقالات في الصحف اللبنانية، وعمل في مكتب محاماة لرولان جميل، واقام ندوات في المناطق حيث كان يعيش في “بيروت الشرقية” والقى محاضرات في التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة الاميركية واليسوعية والكسليك وايضا في القرى والبلدات وكانت محاضراته وخلواته وفق عارفيه، “تتضمن ما ينشره في كتاباته، وبين هذين العامين لم يكن مسؤولا عن ادلجة او تدريب فكري بل كانت هناك اجهزة معنية تقوم بهذا العمل في القوات التي ترأسها بداية بشير الجميل ثم فادي افرام وفؤاد ابو ناضر وايلي حبيقة وصولا الى سمير جعجع الذي جاء عام 86 واعاد تنظيمها”.
صداقاته وعلاقاته
وبحسب عارفيه “فإنه ومنذ نشأته كان يلتقي بصفته رئيسا لمجلة صوت المشرق بالدكتور شارل مالك احد كاتبي شرعة حقوق الانسان ورئيس الجمعية العامة للامم المتحدة السابق، وفؤاد افرام البستاني مؤسس الجامعة اللبنانية وادوار حنين المؤرخ، وجواد بولس، وايضا آباء الكسليك واليسوعية وبجورج فريحة عميد الجامعة اللبنانية في منطقة بيروت الشرقية… هذه الطبقة التي كان يتعاطى معها فارس ولكن الهجمات عليه صنعت منه شخصاً اخر، وبالمناسبة المواقع التي قالت انه كان مقاتلا وهو في الحقيقة لم يكن، وحاولت استخدام سيرة حياة شخص اخر يدعى ايضا وليد فارس الذي تنحدر عائلته من منطقة الشوف (مستشار ترامب من قضاء البترون)، وهو محام ايضا، فارس الاخر كان عمليا في صفوف القوات اللبنانية وحزب الكتائب، وكان حاضرا ابان حقبة الثمانينات واسمه بحسب الكتب والوثائق التي نشرت بالفرنسية كان (وودي) ولا علاقة تربط بين الوليدين الكتائبي والاخر الكاتب والمحامي، وبعد ذلك اصبح وليد فارس امينا عاما لحزب الكتائب. ويضيفون “في عام 1986 قبل د.وليد فارس دعوة المجلس السياسي في القوات اللبنانية لتمثيل حزبه الديمقراطي الى جانب باقي التنظيمات، ولم يكن مستشارا لقائد القوات وكانت له نشاطات سياسية عامة كإجراء مقابلات مع السفراء واعطاء احاديث اعلامية، وسافر الى كندا واميركا البرازيل والبارغواي وعمل في الحقل الاغترابي واجتمع مع ممثلي الاحزاب الديمقراطية في اوروربا، وكان بامكانه ان يهاجر في تلك الفترة ولكنه تمسك بالبقاء الى اخر لحظة حتى موعد دخول القوات السورية الى المناطق الشرقية”.
من المجلس السياسي الى الجبهة اللبنانية
ويتابعون “اتخذ حزبه قرارا بالانسحاب من المجلس السياسي بعدما اشتدت المواجهات بين ميشال عون وسمير جعجع، وهو كان يعارض هذه المواجهة، وفي العام 90 حدثت حرب داخلية بين الجيش والقوات، وتم الإستيلاء على كافة مراكز الاحزاب في المنطقة الشرقية وبينها مركز حزبه، ثم التحق بتحالف الجبهة اللبنانية الجديدة التي ترأسها داني شمعون، وكان فارس مسؤول خارجيتها، ودعمت الجبهة الحكومة الشرعية سياسيا والتي كانت تحت قيادة الرئيس الحالي ميشال عون، وبعد سقوط عون والاجتياح السوري اتخذ فارس قرار المغادرة ليس هربا من الاستخبارات السورية، بل خرج لإدراكه ان عمله الفكري لن يجيد نفعا وبالفعل سقط لبنان لخمسة عشر عاما بيد الجيش السوري ونكل بالمعارضة، فقرر الهجرة لانه فقد الامل ايضا وابدى عدم رضى على السياسات في المنطقىة الشرقية وتوجه الى اميركا حيث تابع دراسته وانتهت بذلك حياته السياسية في لبنان”.
محاضراته
لكن ماذا عن المصادر التي اعتمد عليها التحقيق، وبينها سيدة تدعى ريجينا صنيفر اشارت الى ان فارس دعا في محاضراته الى الحرب ضد المسلمين. في هذا الصدد يقول غابي حواط،” شاركت والمئات من زملائي في المحاضرات التي كان يلقيها والمستمدة من كتبه ومقالاته، واؤكد انه لم يدع يوما الى الحرب بل ركز على ضرورة الانفتاح والاخاء والتعاون وقيام الاتحادات، وكان يتحدث عن تاريخ لبنان والطوائف والصراعات المتعاقبة، كما انه انتقد في بعض الاحيان الزعماء المسيحيين بسبب خسارة فرص اقامة السلام”، متسائلا “كيف لوسائل الاعلام ان تنقل شهادة شخص وتحجب المئات، هذه فبركة وعملية غش”.
نيسي ولقاء الساعات الاربع
وماذا عن طوني نيسي الذي ادلى هو الاخر بشهادته في التحقيق؟
يشير عارفو مستشار ترامب “الى ان الصحيفة التي اجرت التحقيق عام 2011 خدعت نيسي بإعترافه هو، حيث قام بإرسال رسالة الى الصحيفة يستنكر خلالها عملية الاحتيال التي استهدفته، كما عمل طوني نيسي في فريق ثورة الارز بالتعاون مع المغتربين، وقد اتصل به ادم سيوير من المجلة المذكورة ونصب له فخا وسأله اذا كان فارس هو المنظم الايدولوجي للقوات، فاخبره ان فارس خبير في الايديولوجيات فقلبت المجلة الوقائع، علما بأن المنظر الاساسي للقوات هو انطوان نجم، ولو كان فارس منظرا لكتب كتبا وقال ذلك علنا، والمعسكر الايراني-الاخواني استخدم هذه العباراة المترجمة خطأ على مدار ست سنوات حسب الحاجة، فبعد تعيين ترامب لفارس مستشارا له، وصلت الحملة الى واشنطن بوست التي اخترقها اللوبي الايراني، وهذا يظهر جليا ان المعسكر المعادي لا يستخدم التقرير لكشف حقائق بل لاسباب سياسية”.
عارفو فارس يقولون “عندما دخل فارس عالم السياسة وأطلق الحزب الديمقراطي الاجتماعي كان ذلك بمثابة سابقة بحيث ان المنطقة انذاك كانت خاضعة لنفوذ الاحزاب اليمينية، كما اطلق مؤسسات اجتماعية وسياسية تضعه الى يسار الوسط، كالاتحاد العام للعمال اللبنانيين، وتراس الاتحاد بداية مارون ناصيف ثم جورج حدشيتي، وكان هدفه مساعدة الطبقة العاملة من اجل تاحسين ظروفها وقت الحرب، كما انشأ لجان العمل الطلابي لبث روح الديمقراطية، واللجنة المشرقية الممثلة للاقليات، وتجمعا للكتاب”.
يتبع جزء ثانٍ
اقرأ:
جواد الصايغ: إخوان سوريا يردون على إتهامات تغيير عملة بلادهم