رويترز: سقوط حلب يُكمل (هلال) إيران الشيعي

كلنا شركاء: رصد

لعبت إيران دورا محوريا في حملة نظام بشار الأسد في حربه ضد كتائب الثوار، وهي الآن قريبة من إقامة “هلال شيعي” من النفوذ الإقليمي يمتد من الحدود الأفغانية إلى البحر المتوسط، بحسب مقالٍ تحليليٍّ لوكالة “رويترز”.

وأشاد قادة الحرس الثوري وكبار رجال الدين في طهران هذا الأسبوع بهزيمة إيران “للإرهابيين الوهابيين” في سوريا والدولة التي يصفونها بأنها راعية المعارضة وهي السعودية المنافس الإقليمي السني للجمهورية الإسلامية.

ولا يوجد شك يذكر، بحسب الوكالة، في أن السيطرة على حلب بعد سنوات من القتال وعلى حساب آلاف الأرواح ستجعل بشار الأسد في منعة من هجمات المعارضة التي تسعى جهدها لإنهاء حكمه. ومن غير المرجح أن يتسنى انتصار من هذا القبيل من دون إمداد إيران المستمر له بالمقاتلين الشيعة والمال والسلاح.

وظهر بجلاء الدور المركزي الذي تلعبه الدولة ذات الأغلبية الشيعية – والقوة التي تتمتع بها – يوم الأربعاء عندما تأجل إخلاء الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة بعدما قال مسؤولون من المعارضة إن طهران وضعت شروطا جديدة.

وذكرت مصادر من الثوار والأمم المتحدة أن إيران طالبت بإجلاء متزامن للمصابين من بلدتي كفريا والفوعة اللاتي يحاصرهما الثوار.

ولم تساعد مشاركة إيران منذ أكثر من خمس سنوات – في البداية عن طريق توفير المستشارين العسكريين ثم تدريب وتسليح ميليشيات شيعية – في تشكيل الصراع السوري فحسب وإنما عززت نفوذها في أنحاء المنطقة.

وللمرة الأولى أمكن لطهران ممارسة سلطتها على مساحة واسعة في الشرق الأوسط تمتد عبر العراق وسوريا إلى لبنان – وهو قوس نفوذ كانت قوى عربية سنية خاصة السعودية تحذر منه منذ سنوات.

وقال هلال خشان أستاذ الدراسات السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت “نعرف أن الإيرانيين صبورون للغاية. هم لا يتوقعون مكافآت فورية. لذلك ثابروا ويحصدون ثمار صبرهم، “لا يخالجني شك في أن هذا القوس أو الهلال الشيعي سيتشكل. الإيرانيون سينشئون دائرة نفوذهم من العراق حتى لبنان.”

البحر المتوسط

هذا ليس فقط بسبب السقوط الوشيك لحلب ولكن أيضا جراء المكاسب التي حققتها قوات النظام العراقي التي يقودها الشيعة في بغداد – وهي حليف وثيق لطهران – في معركة استعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقاتل الآلاف من مقاتلي الفصائل الشيعية المسلحة الذين دربتهم إيران إلى جانب الحكومة في العراق. وبعضهم قاتل بالفعل في سوريا لدعم نظام بشار الأسد وتعهد بالعودة إذا لزم الأمر.

وفي العراق يقاتلون للسيطرة على تلعفر وهي مدينة بين الموصل والحدود الغربية للعراق مع سوريا والتي – إذا استعيدت – فستسمح لإيران بوصول عسكري دون عوائق تقريبا حتى البحر المتوسط.

ولإيران بالفعل قدر كبير من النفوذ في لبنان حيث لديها علاقات تاريخية عميقة مع الطائفة الشيعية وتمول حزب الله أقوى حركة سياسية وعسكرية في البلاد والتي تقاتل أيضا في سوريا دعما للأسد.

ومن شأن إقامة “هلال شيعي” أن يمنح طهران نفوذا سياسيا هائلا في المنطقة في ظل تنافسها المرير مع الرياض ويسمح لها بحماية الطوائف الشيعية في هذه البلدان، بحسب “رويترز”.

القادة العسكريون الإيرانيون

يقول دبلوماسيون ومحللون إن إيران بدأت منذ فترة مبكرة ترجع إلى 2012 تسليح وتدريب ودفع أموال لآلاف المقاتلين الأفغان والباكستانيين وكذلك لمسلحي حزب الله من لبنان للقتال إلى جانب بشار الأسد.

وهؤلاء المقاتلون الذين يشرف عليهم قادة الحرس الثوري الإيراني المتمرسون الذين اكتسب بعضهم خبرة تعود إلى الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي تمكنوا في مناسبات عديدة من عرقلة تقدم قوات المعارضة السورية.

ومن بين هؤلاء القادة قاسم سليماني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني – الذراع المسوؤلة عن العمليات خارج إيران – الذي ترددت أنباء عن التقاط صور له على جبهات القتال في العراق وسوريا في السنوات الأخيرة.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن وجود سليماني وغيره من كبار قادة الحرس الثوري على الأرض مختلف تماما عن نهج دول مثل السعودية التي اكتفت بإرسال المال والعتاد العسكري للمعارضة.

وقال دبلوماسي غربي في الشرق الأوسط طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مخولا بالحديث علنا “السعوديون لديهم العتاد. هم لا يملكون الخبرة في حقيقة الأمر. قدموا العتاد. قدموا المال. هذا ما ظنوا أنه سيكفي لكنه لم يكن كذلك. “هذا شيء فعله الإيرانيون لم يفعله الطرف الآخر – استثمار رؤوس الأموال على أرض الواقع.”

ونقل الدبلوماسي الغربي عن مقاتلي المعارضة قولهم إنه عندما كان للقادة العسكريين الإيرانيين وجود على الأرض كان أداء الجيش السوري أفضل.

وكان لقرار إبقاء كبار القادة العسكريين الإيرانيين على الجبهة ثمن إذ قتل ما لا يقل عن ستة جنرالات إيرانيين في سوريا. لكن باستخدام مقاتلي الفصائل الشيعية المسلحة من دول أخرى تمكنت طهران من إبقاء العدد الإجمالي للقتلى الإيرانيين منخفضا.

تهديد وجودي

وأشارت الوكالة إلى أن الحرس الثوري والزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي تمكنوا من إقناع المواطنين الإيرانيين بالحرب.

وراحت مؤسسات إخبارية محافظة قريبة من الحرس الثوري تنشر موضوعات عن التهديد الوجودي الذي تمثله الدولة الإسلامية والحاجة لقتال التنظيم في سوريا منذ أعلنت إيران عن دورها في الصراع في 2012.

وفي وقت سابق هذا العام قال خامنئي إنه إذا لم تشارك إيران في الحرب في سوريا لحاربت نفس العدو داخل الجمهورية الإسلامية.

وفي معرض طهران للكتاب في مايو أيار قام الزوار بالتقاط صور لأنفسهم وهو يضعون خوذة وحزام ذخيرة على خلفية صورة لمدينة مقصوفة تشبه حلب.

وقال الدبلوماسي الغربي “من الأسهل للحكومة أن تروج لحرب ليست ذات شعبية كبيرة أو ضرورية ما دام الدم الذي يسال فيها ليس إيرانيا في المقام الأول. وبإسنادها (لمقاتلين آخرين) فقد أبقوا الألم بعيدا عن معظم الإيرانيين.”

(حزب الله)

وكان القائد في ميليشيا “البيشمركة” الكردية بكردستان العراق حسين يازدان بنا، كشف في نيسان الماضي عن أن قوة مكونة من ألف مسلح من ما يسمى “حزب الله”اللبناني التابع لإيران انضموا خلال الأيام القليلة الماضية إلى ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية في منطقة تازة بجنوب محافظة كركوك، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.

وأضاف أن مسلحي ما يسمى ”حزب الله” الذين وصلوا إلى المنطقة المذكورة، مدججون بالأسلحة الثقيلة والصواريخ التي تشكل تهديدا لمدينة كركوك ولإقليم كردستان العراق بشكل عام. وتابع أن وجودهم في تلك المنطقة يأتي ضمن الخطة الإيرانية للسيطرة على كركوك والموصل، ومن ثم الوصول إلى الحدود السورية بًرا لاستكمال “الهلال الشيعي” الذي تخطط له طهران منذ زمن.

يازدان بنا، وهو قائد الجناح العسكري لحزب “الحرية” الكردستاني، الذي تتمركز قواته جنوب كركوك، قال: “حسب المعلومات الواردة إلينا، انضمت قوة مؤلفة من نحو ألف مسلح من “حزب الله” التابع لإيران خلال الأيام القليلة الماضية لـ”الحشد الشعبي”الشيعية الموجودة بالقرب من قرية البشير الخاضعة لتنظيم “داعش”.

اقرأ:

المعارضة الإيرانية: فيلق القدس هو المسؤول عن مذبحة حلب